خليل صويلحصعوبة الإحاطة بعدد الروايات العربية المنشورة إلى اليوم، وغياب مرجعيات تاريخية شاملة، يضعان الباحث في ورطة. في كتابه «الرواية العربية ومصادر دراستها ونقدها» (الهيئة العامة السورية للكتاب)، تكبّد الباحث السوري سمر روحي الفيصل عناء توثيق عدد الروايات العربية. كانت الحصيلة 5700 رواية حتى أواخر عام 2008، بما فيها الروايات المنشورة إلكترونياً، أو الصادرة بلغات أخرى.
كان الباحث المصري حمدي السكوت قد أصدر ستة مجلّدات في أرشفة الرواية العربية حتى عام 1995، مع مدخل نقدي. ها هو الفيصل يرمّم المسافة بيبليوغرافياً، من دون أن يلتفت إلى قيمة هذه الأعمال، أو ريادتها. موضوع الريادة ظل دائماً مثار جدل، وإن استقرت الآراء أخيراً على رواية «غابة الحق» (1865) للسوري فرنسيس المراش، كعتبة أولى للسرد الروائي العربي. قرن ونصف قرن من التخييل العربي، لم تنتج إذاً، كمّاً كبيراً من الروايات، مقارنةً بلغات أخرى. ذلك أنّ ما يتردّد عن فورة روائية عربية، يبدو مجرد مبالغة لفظية، وإن شهدت هذه الرواية زخماً لافتاً في العقود الأخيرة.
5700 رواية صدرت حتّى 2008، بما فيها المنشورة إلكترونياً
من مقلبٍ آخر، يتيح هذا العمل الموسوعي قراءة دلالات أسماء الروايات العربية، وتقاطعها لجهة بعض العناوين المتطابقة، وخصوصاً في مراحلها الأولى، حين كانت تشتغل على أسماء تاريخية. كما سنقع على أسماء ثلاث روايات تحمل العنوان نفسه، نُشرت في فترات متقاربة، هي «الآخرون» بتواقيع الفلسطيني أحمد عمر شاهين (1989)، والمغربي حسونة المصباحي (1998)، والسعودية صبا الحرز (2006)، ما يعني غياب التنسيق بين دور النشر العربية.
في الفصل المخصّص لمصادر دراسة الرواية العربية ونقدها، تتبوّأ روايات نجيب محفوظ المرتبة الأولى في عدد الكتب التي تناولت أعمال صاحب نوبل. يحصي الباحث 103 عناوين، رصدت مختلف جوانب العمارة السردية التي وضعها محفوظ على عتبة الرواية العالمية. يليه طه حسين (50 كتاباً) ثم توفيق الحكيم (24 كتاباً)، وغسان كنفاني (23 كتاباً)، وجبران خليل جبران (16 كتاباً).
في فهرسة الدراسات النقدية العربية، ننتبّه إلى أنّ محسن جاسم الموسوي كان أول من كتب عن «عصر الرواية» (بغداد ـــــ 1985)، ثم اكتسح مصطلح «زمن الرواية» على يد جابر عصفور (1999) المدوّنات النقدية، إيذاناً بهيمنة السرد على الأجناس الأدبية الأخرى، وصولاً إلى صيحة حنا مينة المدوّية «الرواية ديوان العرب».