ميرفت علي رعدعن علاقة الإسلام بالسلطة ومفاهيم الديموقراطيّة والحريّة، أنجزت مجموعة علماء وباحثين كتاب «الإسلاميّون والمشاركة في مجتمع متنوّع» (منتدى الفكر اللبناني). توزّعت المساهمات على قسمين، حمل الأول عنوان «الإسلاميون بين مشروعة المشاركة والمواطنة»، فيما حمل القسم الثاني عنوان «ولاية الفقيه وواقع التنوّع في لبنان».
نقرأ في القسم الأوّل العلامة السيد محمد حسين فضل الله، مفنِّداً نظام الحكم في الإسلام، وشارحاً موقفه من الحرية والديموقراطية والأقليات وغير أهل الكتاب. مهّد فضل الله لهذه المقاربة عبر تخصيص حيز لرؤية الإسلام الخاصة في مسائل صناعة الحضارة والمدنيّة، وحلّ مشكلة الإنسان. يلفت فضل الله إلى البعد التشريعي للإسلام، القادر على تحقيق السعادة للبشرية. ويرى أنّ الطرح الإسلامي لا بد من أن يتلازم مع مبدأ الحرية، بمعنى أنه لا يمكن التشريعات الإسلاميّة أن تُفرض على الناس فرضاً. مردّ هذا الاستنتاج هو تأصيل مفهوم الحرية في الإسلام. مفهوم يقود إلى عدم التنكّر للأمة في الخيارات السياسية والاقتصادية لأيّ نظام إسلامي. وفي مسألة الأقليات في المجتمع الإسلامي، يرى السيّد فضل الله أنّ مساواة جميع المواطنين في الحقوق المدنية أو السياسية لا تتنافى مع الخصوصيات الذاتية للإسلام. مع ذلك، يؤكّد أنّ على الإسلاميين «تطوير الرؤى في الشكل لا في العمق». المقاربة الثانية جاءت بقلم مدير «مركز دراسات الوحدة الإسلامية» عبد الله حلاق، الذي تناول مشاركة المسلمين في الحكم في المجتمعات المتنوعة، وتلك التي لا تحكم وفق مبدأ الشريعة الإسلامية. الهاجس الذي انطلق منه الباحث هو اختلاف آراء حركات ومفكّري الصحوة الإسلامية تجاه المشاركة في الأنظمة الديموقراطية. يجد القارئ عرضاً تحليلياً وافياً لطروحات المعارضين والمؤيدين لتلك المشاركة.
مجموعة أبحاث بعنوان «الإسلاميّون والمشاركة في مجتمع متنوّع»
ويخلص حلاق إلى تقديم مختلف الطروحات في ضوء الأدلة الشرعية وبأسلوب علمي. وقد شمل تقويم هذه الطروحات فتوى ابن تيمية في إجازته «تولي منصب سياسي في دولة ظالمة»، مروراً برؤية أبو الأعلى المودودي وموقفه من الديموقراطية التي تتيح الوصول إلى دولة الإسلام، ومن ثم الشيخ حسن البنا ورأيه في دخول الإسلاميين البرلمان لإسماع صوت الإسلام، وصولاً إلى رؤى الشيخ ابن باز، وحسن الترابي وفتحي يكن... في الخلاصة عرض لبعض هواجس تلك المشاركة لجهة المفاضلة بين التشريع البشري والتشريع الإلهي، ومخاطر تمييع المشروع الإسلامي، وإعانة النظم الحاكمة، وتوفير الغطاء الشرعي للظالمين...
في القسم الثاني دراسات لعدد آخر من الباحثين، من بينهم نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم تحت عنوان «حزب الله بين ولاية الفقيه والولاء للوطن». يقدم قاسم لمداخلته بمجموعة من أفكار حزب الله ومبادئه، وإشكالية موقعية ولاية الفقيه. وقد عمد إلى ربط الأخيرة بالحرية وعدم الإكراه. وفي تفنيده لمبدأ الولاء للوطن، انطلق من محاولة تأصيل إسلامية، مستنداً إلى قول النبي: «أنّ حب الوطن من الإيمان». بالتالي لم يجد الشيخ قاسم أيّ تعارض بين حب الوطن والإسلام، مدعّماً رأيه بعبارة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يعدّ فيها «لبنان وطن الآباء والأجداد». يختم قاسم بـ«أنّ ولاية الفقيه هي جزء من الإيمان بمنهج وليست مقابل الولاء للوطن».