أعداء المرأة كثر. قد يكون سرطان الثدي العدو الأبرز، إضافة إلى سرطان الرحم. لكن عدواً مستتراً آخر يتربص بالمرأة، وينجح في إخفاء الأدلة التي تشير إلى وجوده: سرطان المبيض. يدخل جسد المرأة بصمت، قبل أن يستفحل وينتشر، لتصبح عملية العلاج صعبة. لذلك، يلقّب بـ«القاتل الصامت». لقبٌ ليس دقيقاً دائماً، بعدما ساهم التطور الطبي في إضفاء بعض الأمل على المرضى.انطلاقاً من أهمية التوعية المفقودة حول مرض مجهول، ارتأت شركة «هوفمن لاروش» تنظيم ندوة تثقيفية للتعريف بسرطان المبيض. يتم تشخيص نحو ربع مليون حالة إصابة بسرطان المبيض حول العالم سنوياً، ما يجعل منه السرطان الثامن الأكثر شيوعاً بين النساء، والسبب السابع للوفاة بالسرطان بين النساء حول العالم، إذ يموت نحو 140 ألف امرأة سنوياً في العالم جراء الإصابة به. أما في لبنان، فهناك 171 حالة إصابة سنوياً وفقاً للسجل الوطني للسرطان.
بداية، يشرح البروفسور في الأمراض النسائية والتوليد والأورام السرطانية النسائية في مركز بيروت الطبي في الجامعة الأميركية، محيي الدين سعود، أن «ورم المبيض ليس منتشراً بكثرة بالمقارنة مع سرطان الثدي الذي يسجل نحو 1800 إصابة سنوياً، في مقابل نحو 190 إصابة بسرطان المبيض». إلا أن خطورة المرض تتمثل بارتفاع نسبة الوفيات بالمقارنة مع عدد الإصابات من جهة، وسرطان الثدي من جهة أخرى. عام 2008 ، بحسب سعود، توفي نحو 458 ألف امرأة مصابة بسرطان الثدي من أصل مليون و380 ألفاً، فيما توفي نصف الـ 225 ألف امرأة اللواتي أصبن بسرطان المبيض. يحكي سعود عن نوعين من تورّم المبيض: «الأول يصيب غلاف المبيض وينتشر في البطن، لكن يصعب اكتشافه في مراحله الأولى. أما الثاني فيصيب البويضة، وغالباً ما يتم كشفه على نحو مبكر، وقد تصاب به فتيات دون الخامسة والعشرين»، لافتاً إلى أن نسبة الشفاء منه مرتفعة. الوراثة ليست سبباً مباشراً للمرض، لكنها تزيد من احتمالات الإصابة به. يشير سعود إلى أن «7 في المئة فقط من المصابات بسرطان المبيض لديهن سوابق عائلية لسرطان الثدي أو المبيض». عوامل أخرى تزيد من الاحتمالات، منها «الإصابة المسبقة بسرطان الثدي، السن (بين 40 و60 عاماً)، الانقطاع المتأخر للطمث أو الحيض المبكر، سوء التغذية، والسمنة». ويبدو لافتاً عدم تأثير التدخين على سرطان المبيض، فيما يعدّ استخدام حبوب منع الحمل وقائياً، إضافة إلى انجاب الأطفال والرضاعة، لأنها تمنع التبيّض. ماذا عن أعراض سرطان المبيض؟ إنه قاتل محترف لأنه ينجح في إخفاء جريمته مدة طويلة، وخصوصاً أن أعراضه تكون غامضة في بادئ الأمر وغير محددة، حيث يختلط الأمر أحياناً بين أعراضه وأعراض حالات أخرى أقل خطراً مثل الاشتراكات في الجهاز الهضمي. وتتمثل أعراض سرطان المبيض في التورّم أو الانتفاخ المستمر في البطن، الألم في البطن، عدم انتظام الدورة الشهرية، فقدان الشهية (مرحلة متقدمة) ، الإرهاق، التغيّر في حركة الأمعاء (كالإمساك أو الغازات الزائدة)، ونزف مهبلي غير طبيعي. يضاف إلى ذلك غياب فحص معين للكشف الدقيق والموثوق عن إمكان الاصابة به. أما العلاج، فيقتصر عادة على الجراحة والعلاج الكيميائي.
نحو 50 في المئة من المصابات إصابات متقدمة قد يعشن قرابة خمس سنوات أو أكثر، إذ يتحول سرطان المبيض من مرض خبيث إلى مزمن. وقد يساعد الكشف المبكر في الشفاء منه بنسبة كبيرة. الأمل موجود.