منذ أشهر قليلة، برزت حركة «مواطن مش مرتاح» في جبل لبنان. كان لموقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، إلى جانب البيانات التي توزع يدوياً كما في الأيام الخوالي، دور في شهرة «الحركة» هناك، وهذا ما جعل مقارباتها لقضايا الجبل تحاكي «الربيع العربي»، مع فارق في اللغة والأسلوب. عدد أفراد هذه المجموعة ليس قليلاً، بالنسبة إلى بلد صغير كلبنان، ومنطقة محددة فيه هي الجبل: 2141 منتسباً. مروة الحلبي، المشاركة في المجموعة، شكت عبر حائط الموقع من غلاء الأسعار، على طريقتها... «صار الواحد يروح على السوق يعمل لايك ويرجع»، فردت عليها خلود أبي فراج: «علينا ان نعمل Delete للطبقة السياسية وConfirm لأفكارنا الثائرة». بدوره، يكثف نزار من تعليقاته على حائط الجبل. يشارك مع الآخرين نقداً حاداً للسياسات المتبعة في قرى الجبل، كما أنه يعلن موقفاً سياسيّاً جديداً: «الاقتراع بورقة بيضاء في انتخابات عام 2013 والضغط لاحتساب عدد الأوراق البيضاء في الانتخابات». يلاقيه أمين صبح الذي يحذر من «المراهنة على حل يرتجى ممن سبّب بلاء هذا الشعب». يطلب «فضح ووعود الأحزاب الفارغة على قاعدة أن الزعيم هو الضمانة لا دولة المؤسسات». أمين أكثر حدة من نزار، إذ يرفض «إعادة ترشح الزمرة السابقة، التي لم تلتزم بوعودها، والمطالبة بقانون انتخاب على قاعدة النسبية، وضرورة التنظيم وإعداد خطة عمل جدية في مقاربة مسألة الإنماء». وإلى اللغة «الفايسبوكية» تنشط لجنة مصغرة من هذه المجموعة لوضع «خطط العمل والمتابعة». يؤكد أحد مؤسسي هذه الحركة، وسام ملاعب، أن المجموعة انطلقت عفويّاً، من شبان «معظمهم عاطل من العمل أو لا يعمل في اختصاصه». لا يرغب ملاعب ورفاقه في إثارة «حساسية سياسية مباشرة، لكنّ الصمت عن التقصير في منطقة تحتاج إلى كل شيء لم يعد ممكناً». يعلن الشاب المتحمس أنهم في المجموعة يزورون دورياً نواب قضاء عاليه وفعّالياتها السياسية جميعاً لـ«اقتراح المشاريع».
لا يتوقف زميله وليد عند هذه الحد. يؤكد أن الحركة «ستنزل إلى الشارع إذا استنفدت مشاوراتنا مع المراجع»، مذكراً بملفات أسياسية «أبرزها الآن ملف مستشفى الشحار الغربي الحكومي، والنقل المشترك». وليد مصدوم... «نلتقي بالسادة النواب ونفاجأ بأحدهم لا يعرف شيئاً عن القضاء وهو يعيش خارجه، لا بل يسألنا ما العمل». آخر طلب منهم على «علم وخبر» ويمكن بعدها «الحصول على مساعدات من جمعيات دولية». الدولة تطلب المساعدة من الجمعيّات.
وفي المحصلة، الجبل صورة عن الوطن. مجموعة «مواطن مش مرتاح» ترى أن مطالبها الإنمائية لقرى قضاء عاليه، جزء مما يطلبه جميع اللبنانيين. فكما في الجبل، كذلك في بقية الجبال «لا رعاية صحية لمستشفيات القضاء»، لكن، يجب التحرك سريعاً لـ«إنقاذ مستشفى الشحار الغربي الحكومي من أزمته، وتأمين النقل العام لكل القرى والبلدات»، إضافة إلى مطالب أخرى، كـ«إخراج قطاع السياحة من موسميته، إنشاء التعاونيات الزراعية ودعمها، جذب الاستثمارات والشركات والخروج من القوقعة المنفرة كما هي الآن»، إضافةً إلى دعم المهن والحرف، وطبعاً دعم فرعي الجامعة اللبنانية في عاليه وعبيه.



«اشتراكي» مش مرتاح

لا يجد الشباب المشاركون في مجموعة «مواطن مش مرتاح» حرجاً في الاعتراف بأن معظمهم يحتفظ بخلفية سياسية، تدين بالولاء إلى الحزب الأبرز في الجبل، الحزب التقدمي الإشتراكي. لكن غالبية مطالب المجموعة الشبابية، لا تمت إلى السياسة بصلة، فمثلاً، يطالبون بـ«إنشاء السدود والبرك لتخزين المياه وتوليد الطاقة، علاج جذري لمسألة مكب الناعمة للنفايات المعروف باسم «مطمر الناعمة الصحي»، الاهتمام بشؤون جرحى الحرب الأهلية، ضبط الوضع الأمني بعد سلسلة جرائم وقعت ولم تصل العدالة إلى الجناة وتحقيق العدالة، وإنشاء مراكز دور عجزة ومعالجة الإدمان. ويتوقع هؤلاء الناشطون أن تصل تحركاتهم إلى «نتيجة ملموسة» في الأيام المقبلة.