ينشط عدد من أهالي بلدة ميفدون (النبطية) ومخاتيرها باتجاه مختلف السلطات المحلية والأمنية والتربوية، في سباق محموم. الهدف إنقاذ مساحات من أملاك عقارية لوزارة التربية. هذان العقاران قدّمهما الاهالي سابقاً لمصلحة بناء المدرسة الرسمية، يجري وضع اليد عليهما من قبل صاحب عقار محاذ، وتتجاهل البلدية وبعض الدوائر الحكومية المختصة هذا التعدّي تحت عنوان «حق المرور».
عُرفاً، لا يتجاوز حق المرور المستخدم لعقار من عقار آخر خمسة أمتار عرضاً، بل يؤكد «مساحون» أنه أدنى من ذلك؛ لكن صاحب العقار رقم 479 في منطقة ميفدون العقارية، «يدّعي» أن وزارة التربية الوطنية سمحت له باستخدام طريق إلى عقاره، يتجاوز عرضه عشرة أمتار، من العقارين 476 و478 (المتنازل عنهما سابقاً من الأهالي لمصلحة الوزارة، فشيّد عليهما مجلس الجنوب منذ أكثر من 15 عاماً مدرسة ميفدون الرسمية، وظل الأهالي يواصلون السعي لبناء روضة أطفال على المساحة المتبقية).
وما أثار حفيظة الأهالي والجيران أن صاحب العقار باشر بناء بوابة ضخمة عند مدخل عقار الوزارة المحاذي للطريق العام (أزيلت أمس بإشارة من النيابة العامة إلى قوى الأمن الداخلي)، وحوّل المساحات المتبقية، بعدما «زفّت» مساحة طويلة تصل إلى عقاره بعرض عشرة أمتار، إلى أحواض، بما يوحي أن الأرض بأكملها صارت تحت وصايته.
يتهم بعض الأهالي المجلس البلدي في ميفدون بالتواطؤ مع صاحب العقار المجاور للمدرسة، «لأنه سمح له ببناء منشآت على عقاره من دون ترخيص، ثم سمح له بالتصرف بعقار المدرسة، فردمه وأزال بوابة للمدرسة تفتح على المساحة المتبقية من العقار، وأقام تصاوين وجدراناً وأحواضاً»، يقول المحامي علي جابر، ويؤكد أن «صاحب العقار لم يقدم أيّ ملف للبلدية بكل ما قام به، بل هو يدعي امتلاك تصريح باستخدام طريق بعرض عشرة أمتار على عقار المدرسة، ودوّنه على صحيفته العقارية كحق مكتسب؛ وكذلك لم يتحرك أحد من البلدية لمساءلته عن كل ما فعله وكيف حصل على حق مرور بهذا القدر. ولولا بعض الضغط، لما تحركت البلدية لتوقفه عن العمل في البوابة الضخمة التي باشر بناءها، لكنها للأسف، لم تلجأ إلى إزالة التعديات، ربما بانتظار إيحاء سياسي ما».
حرّر المتضررون من الأهالي كتاباً أرسل إلى وزارة التربية الوطنية، وقّعه مختاران تحت عنوان «اعتداء على عقارين ملك وزارة التربية». ويشير الكتاب إلى أن العقارين الرقم 476 و478 من منطقة ميفدون العقارية قد قدمهما الأهالي «خصيصاً لإقامة مدرسة رسمية عليهما. وبما أن قسماً من العقارين المذكورين قد ترك خارج تصوينة البناء المدرسي وخصص لبناء قسم للروضة، وترك له مدخل على الطريق العام، وبوابة تصله بملعب المدرسة. وحيث إن علي العبدلله، مالك العقار رقم 479 من منطقة ميفدون العقارية، قد حصل على حق مرور عبر عقار الوزارة من مدخل القسم المذكور، وأقدم فوراً على إزالة البوابة التي تصل ملعب المدرسة بالقسم، وأقفل التصوينة بالأسمنت، وشرع في إقامة منشآت وأعمدة من الباطون وبوابة تضم عقار الوزارة من دون أي مبرر أو إذن قانوني أو رسمي؛ وقد تم إيقافه من الأهالي، لأن هذا الأمر يمثّل اعتداءً على أملاك المدرسة، ويمنع إنشاء قسم الروضة مستقبلاً، ويسمح له بالاستيلاء على فضلات العقار وما يزيد على مساحة ألف متر مربع دون أي مسوغ شرعي».
وناشدوا «وزير التربية... عدم الموافقة، ومنع مالك العقار رقم 479 من إقامة أية منشآت على القسم المذكور، علماً بأن الأهالي سيمنعون ذلك بالوسائل القانونية والاحتجاجية كافة، ومنها التظاهر».
يستغرب رئيس بلدية ميفدون محمد جابر كيف أن صاحب العقار «حصل على هذا الامتياز بحق المرور، الذي أتصور أنه لم يحصل عليه صاحب عقار من عقار آخر في بلدتنا». ويؤكد «أن البلدية لا يحق لها منعه من تنفيذ طريق حق المرور وتعبيده ما دامت الوزارة موافقة على ذلك، ويجب على الوزارة أن تلاحق هذا الموضوع. نحن كبلدية أوقفناه عندما باشر بناء بوابة وأعمدة، لأنه ينفذ هذه الأعمال من دون ترخيص. الأهالي اشتكوا لدى المخفر، والمخفر أبلغ النيابة العامة التي بات الأمر في عهدتها».
وأسف المربي بهزاد جابر لما يجري في عقاري الوزارة «تحت سمع وبصر مدير المدرسة والمجلس البلدي، ما يدل على تواطؤ واضح، خصوصاً أن حق المرور لا يعطيه الحق بالتصرف في العقار وفق هواه».
وتساءل: «إذا كان صحيحاً أن وزارة التربية قد سمحت له بحق المرور على العقار، لماذا لم ترسل مهندساً يحدد له هذا الحق، بدلاً من تركه يعبث في العقار بكامله كيفما يشاء؟». ويشير إلى أن العقارين «مخصصان لمدرسة رسمية، وقد أضحيا من الأملاك العامة، وهذا يفترض إجراءات معينة تحكم التصرف في أملاك الدولة».