وفقاً لتوجيهات حزبية، تحرّك عدد من النقابات العمالية أمس ببيانات متزامنة ترفض خفض الكسب الأقصى الخاضع لاشتراكات الضمان من «5 أضعاف الحدّ الأدنى للأجور» إلى «50 مليون ليرة». مبررات الرفض، أن هذا الخفض يمنع عن الضمان مداخيل يمكن أن تعزّز إيراداته، وبالتالي تعيد له بعضاً من تقديماته المفقودة. وطلبت النقابات «المنتفضة»، بشكل خجول، بعد مرور أسبوع على صدور مرسوم واحد يخفّض الحدّ الأقصى للكسب إلى 50 مليون ليرة، ويعدّل الحدّ الأدنى للأجور إلى 18 مليون ليرة، التضامن مع صندوق الضمان، والتنديد بقرار الحكومة.لو لم يتم خفض الحدّ الأقصى للكسب الخاضع للاشتراكات، لكان أصحاب العمل سدّدوا الاشتراكات المترتّبة على أجور عمالهم ضمن سقف 90 مليون ليرة بدلاً من 50 مليون ليرة. لكن هذا الأمر جاء باتفاق في لجنة المؤشر التي للعمال تمثيل وازن فيها عبر رئيس الاتحاد العمالي العام بشار الأسمر ونائبه علي فقيه. وهذه التنفيعة حصلت بعلمهما، وبحضور المدير العام للضمان الاجتماعي محمد كركي في الجلسة. فلماذا الآن تصدر نقابات مستخدمي وعمال مياه الجنوب، واتحاد النقابات العمالية المستقلة، ونقابة مستخدمي المياه في البقاع، واتحاد جبل عامل لنقابات العمال، والاتحاد البترولي، بيانات مستنكرة طالما أنها فوّضت الأسمر وكركي وفقيه؟
ويأتي قرار الحكومة بخفض الحدّ الأقصى نتيجة سطوة أصحاب العمل في لجنة المؤشر وفي مجلس الوزراء، وهو بالفعل ما حصل في الجلسة الأخيرة حين أُقرّ مطلب أصحاب العمل الراغبين بتعديل المرسوم 12962 الصادر في شباط الماضي، فأسقط من مشروع وزير العمل زيادة غلاء معيشة لكل الأجور بقيمة 9 ملايين ليرة واكتفي بزيادة الحدّ الأدنى للأجور إلى 18 مليون ليرة، وأضيف مشروع خفض الحد الأقصى إلى 50 مليون ليرة بدلاً من أن يكون 5 أضعاف الحدّ الأدنى للأجور.
وبموجب القرار ستنخفض إيرادات الضمان. فبدلاً من أن يحسم الصندوق اشتراكات بمعدل 11% لصالح فرع المرض والأمومة من سقف راتب يبلغ 90 مليون ليرة، ستُحسم الاشتراكات وفق المعدل نفسه لكل من سقف راتب يبلغ 50 مليون ليرة، وبالتالي سيتم إعفاء الـ40 مليوناً الباقية من الاشتراكات.
تركيب الاتفاق بين الحكومة وأصحاب العمل تمّ خارج لجنة المؤشر


ويأتي هذا الخفض لمصلحة أصحاب العمل بشكل أساسي، إذ إنه بحسب قانون الضمان الاجتماعي، تبلغ نسبة الاشتراكات الشهرية عن كل أجير مسجّل في الصندوق 25.5%، ويدفع منها صاحب العمل 22.5% مقابل دفع الأجير 3%. وبعد تعديل الحد الأقصى للكسب الشهري الخاضع للحسومات سيربح أصحاب العمل ويخسر الضمان وبالتالي المضمون، فالحسومات ستسمح لهم بالتهرب من دفع مبالغ إضافية لفرع الأمومة والمرض، وبالتالي تكوين مداخيل إضافية كان يمكن أن تساهم في تمويل تقديمات هذا الفرع وزيادة التعويضات عن الأعمال الطبية.
اللافت أن وزير العمل لم يرفع اقتراحاً إلى مجلس الوزراء بتعديل الحد الأقصى للكسب الشهري، ما يشير يوضوح إلى تركيب هذه الصفقة بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وأصحاب العمل خارج لجنة المؤشر، إذ تقول مصادر مطّلعة إنه لم تتم مناقشة الحدّ الأقصى للكسب الشهري خلال 20 جلسة للجنة المؤشّر. لا بل يقول المصدر، إن أصحاب العمل كان لهم موقف سلبي جداً من الضمان في اللجنة وعلى هامشها، ورفضوا تمويل الضمان بأي مبالغ إضافية بذريعة أنه لا يقدّم خدمات لعمالهم وقالوا إنه من الأجدى لهم التعامل مع شركات تأمين خاصة.



ما هو الحد الأقصى للكسب الشهري؟
وفقاً للمادة 68 من المرسوم 13955، قانون الضمان الاجتماعي، فإن اشتراكات الصندوق تُحتسب على أساس حدّ أقصى للكسب (الأجر)، وكل ما يزيد عليه لا يخضع لهذه الاشتراكات. مثلاً، في حال تقاضى عامل 100 مليون ليرة شهرياً، تُحسم اشتراكات الضمان والمُقدّرة بـ25.5% من 50 مليوناً على الشكل التالي: 11% لصالح فرع المرض والأمومة، 8.5% لفرع نهاية الخدمة، و6% للتعويضات العائلية، ويبقى بالتالي مبلغ 50 مليون ليرة من دون حسومات.