أرسلت نقابات الأفران كتاباً إلى إدارة الضمان، تعترض فيه على قرار مجلس الإدارة القاضي بإلغاء اتفاقية الأفران التي كانت تسمح لهم بالامتناع عن التصريح عن عدد العمال العاملين في الأفران وعن رواتبهم للضمان مثل سائر المؤسسات التجارية مقابل تسديد مبلغ مقطوع عن كل طن طحين تستهلكه، ووجّهت تهديداً مباشراً للضمان بأنه سيتحمّل نتيجة قرار إلغاء الاتفاقية لأنها سترفع سعر ربطة الخبز على المستهلك كونها تدخل في مكوّنات هذه الصناعة.أحيل الاعتراض من إدارة الضمان إلى اللجنة الفنية التي يتوقع أن تفنّد المخالفات القانونية فيه، وأن تعيد تأكيد رأيها القانوني القاضي بإلغاء الاتفاقية. فاللجنة الفنية معنيّة بالنظر في مدى قانونية الاعتراض، لا بالنظر إلى التهديدات التي يطلقها كارتيل الأفران وتقصّده في إظهار قوّة نفوذه، إذ ورد في الكتاب الآتي «تطلب النقابات باسم الأفران كل الأفران...» فالتشديد على كل الأفران يعني أن كل أعضاء الكارتيل متوافقون على الأمر، ثم أشارت في السطر التالي إلى أن «تسعيرة الخبز مرتبطة بتسعيرة طن الطحين». وبرّر الكارتيل تهديداته بالقول إنه ليس قادراً على تحمّل دفع غرامات التأخر عن سداد المترتّبات السابقة عليه، وأن عناصر الكلفة ستزداد ما يفرض زيادة الأسعار.
يبدو أن كارتيل الأفران، كما كل الكارتيلات الأخرى في لبنان، حقق أرباحاً هائلة نتيجة الالتفاف على القوانين بطرق غير شرعية عبر «اتفاقات قانونية»، وكما غيرها من الكارتيلات تستنفر في وجه أيّ محاسبة جدية (في هذه الحالة هي الحد الأدنى من المحاسبة) تحت التهديد برفع سعر الخبز على الفقراء وتدفيعهم ثمناً إضافياً لخطوة كان يتوجب إقرارها قبل سنوات، وكأن هناك من يقول إن الإثراء غير المشروع الذي حققه الكارتيل على مدى أكثر من 30 سنة، لا يمكن محاسبته. المفارقة في كتاب الأفران أنهم يطالبون بإعادة تفعيل اتفاقية لم يلتزم بها إلا 10 أفران من أصل 73 مسجلين في عام 2019. وقد أقرّت هذه الاتفاقية في 2001 وحدّد رسم الطحين يومها بـ 10 آلاف ليرة، ثم زيد إلى 25 ألفاً، وإلى 50 ألفاً بين عامَي 2018 و2022، واقترح المدير العام للضمان تعديله إلى مليون ليرة، لكن اللجنة الفنية في الضمان قرّرت إلغاء الاتفاقية على اعتبار أن الأفران استفادت من دعم الدولة الذي بدأ في 1980، واستفادت من دعم الضمان منذ 2001.