في موازاة العمل على تسوية أوضاع النازحين السوريين بقرار من وزير الداخلية، وما رافقه من حملات تدعو إلى عودتهم إلى سوريا، بدا واضحاً أن ما يجري من إجراءات محلية لتطبيق القرار بإدارة البلديات، بات محط استغلال عديدين من الذين يعملون على الاستفادة من حاجة المئات من النازحين إلى كفلاء لهم من اللبنانيين، إضافة إلى حاجتهم إلى أماكن قانونية للسكن. في هذا السياق، يلفت أحد مخاتير منطقة بنت جبيل الى أن «عملية الاستغلال يديرها أشخاص على علاقة بالنازحين، وخاصة من الذين يتم تكليفهم من البلديات لمتابعة أمورهم داخل كلّ بلدة». يشير المختار إلى «شرطي بلدي فتح علاقة مباشرة مع معظم النازحين المقيمين في بلدته، وبات يعمل على تأمين بعض الحلول والمخارج الملتوية لهم بعد الحصول على مبالغ مالية منهم، أو الاستفادة من أعمالهم المجانية، حتى إنه بات يرافق بعض المشرفين على الجهات المانحة وتحصيل ما يمكن تحصيله من خدمات ومنافع». ويشير محمد، أحد المقيمين في القضاء إلى أن «أحد أبناء المنطقة كفل أكثر من عشرة عمال سوريين مقابل المساهمة في بناء منزله الجديد، أو الحصول على أجور تُمنح له بشكل دوري، أو مقابل خدمات متبادلة، وهناك العشرات من أمثاله، ولا نعلم لماذا توافق الأجهزة الأمنية المعنية على كفالة مثل هؤلاء؟».
كما عمد العشرات من أبناء المنطقة إلى بناء غرف صغيرة أشبه بالمخيمات في الحقول من دون أعمدة، ومن دون رخص، وتأجيرها للسوريين مقابل بدلات مخفّضة. يلفت مختار بلدة صفد البطيخ محمود زين الدين إلى أن «عدد النازحين السوريين المقيمين في البلدة يزيد على 1500 نازح معروف، عدا الأعداد الكبيرة التي لم يتم إحصاؤها بعد، ما يعني أن عدد النازحين في البلدة بات أكثر من ضعف المقيمين فيها من أبنائها. هؤلاء يستأجرون أكثر من 250 وحدة سكنية، وخلال السنوات الماضية تم بناء عشرات الأبنية السكنية والتي استفاد أصحابها من تأجير العائلات السورية».
بات كثيرون يتنافسون على كفالة النازح السوري مقابل خدمات أو أموال


ويؤكد زين الدين أن العديد من أبناء المنطقة «باتوا يتنافسون على كفالة النازح السوري، بعضهم من أصحاب المصالح ومتعهدي ورش البناء، فيستفيدون من العمال السوريين لتنشيط أعمالهم، والبعض الآخر من الذين يستغلون هذه الكفالة للحصول على الأموال، فيحصل كلّ كفيل على 250 دولاراً، وهذا منتشر في معظم القرى والبلدات المجاورة». ويلفت إلى أن «بلدية صفد البطيخ بدأت فعلاً بإحصاء عدد النازحين، ومن يثبت أنه غير قانوني يمنح مهلة 8 أيام لتسوية أوضاعه». ويشير إلى أن «أبناء البلدة يستفيدون مالياً من النازحين، فلو عاد جميع النازحين إلى بلدهم فإن معظم الشقق السكنية ستصبح فارغة، ولكن في المقابل فإن هؤلاء النازحين لا يلتزمون بالقوانين، فجميعهم يحصلون على كهرباء الدولة مجاناً وبشكل غير قانوني وهذا أدى الى انخفاض قوة الكهرباء بشكل كبير، وقصدت شخصياً المعنيين في مؤسسة كهرباء لبنان في بنت جبيل، فكان الرد أنه ليس بمقدور المؤسسة معالجة الأمر، علماً أن المؤسسة تضبط المخالفين من أبناء البلدة إذا ثبت أنهم يحصلون على الكهرباء بطريقة مخالفة للقانون».
هذه الشكاوى لا تلغي مطالبة عدد من أبناء المنطقة «بضرورة مراقبة من يعمل على استغلال النازحين أولاً، كمقدّمة لتسوية أوضاع النازحين، وخصوصاً الذين هم على صلة مباشرة بالبلديات والأجهزة الأمنية، ومن بينهم بعض رجال شرطة البلديات الذين يستخدمون الترهيب والترغيب للحصول على المنافع مقابل تغطية المخالفات».