بعد خمس سنوات على «تجوال» قضية الطفلة إيلّا طنّوس في أروقة المحاكم، صدر أمس الحكم «النهائي» عن غرفة القاضية المنفردة الجزائية في بيروت رلى صفير، وقضى بإدانة طبيبَين ومستشفيَين كانوا سبباً في بتر أطراف الطفلة. وسنداً للمادة 565 من قانون العقوبات، معطوفة على المادة 210 منه، قضى الحكم بحبس «الطبيب ع. م. لمدة شهرين، ومن ثم الاكتفاء تخفيفاً بمدة توقيفه»، و«حبس الطبيبة ر. ش. لمدة شهرين ومن ثم إبدال العقوبة تخفيفاً بغرامة قدرها مليونا ليرة لبنانية، على أن تحبس يوماً واحداً عن كل 10 آلاف ليرة لبنانية من الغرامة في حال تخلّفت عن دفعها». وفي ما يخصّ المستشفيَين، قضى الحكم بتغريم «الرهبنة اللبنانية المارونية بصفتها مالكة مستشفى سيدة المعونات الجامعي في جبيل بغرامة مالية قدرها مليونا ليرة، والجامعة الأميركية في بيروت بصفتها مالكة مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت بغرامة مالية قدرها 3 ملايين ليرة»، فيما أبطلت «التعقّبات بحقّ الطبيب ق. خ. ومستشفى أوتيل ديو دو فرانس لعدم توافر العناصر الجرمية».في الجزء الثاني من الحكم القضائي، تأتي حصّة إيلا من «العدالة». عطلها وضررها عما تسبب به المدانون. وانطلاقاً من هنا، أرادت القاضية صفير إنصاف الطفلة، ولو من خلال التعويض المادي، فقضى حكمها بإلزام المُدانين جميعهم «بالتكافل والتضامن» بدفع تعويضٍ مادي بلغ ملياراً و800 مليون ليرة لبنانية «كبدل عطل وضرر للمدعية الأولى إيلا حسان طنوس، على أن يكون قسم منه بقيمة 300 مليون ليرة لبنانية معجّل التنفيذ». كما حكمت بتعويضَين آخرَين قيمة الواحد منهما 300 مليون ليرة لبنانية كعطل وضرر لكل من المدّعيَين الثاني، الوالد حسان طنوس، والثالث الأم إيليانا جريج. وبأن يدفع «الطبيب ع. م. والرهبنة المارونية نسبة 30% والطبيبة ر. ش. ومستشفى الجامعة الأميركية نسبة 70%، على أساس التساوي في الحصص».
من المفترض أن تبدأ الطفلة معركة شرسة في محاكم الاستئناف والتنفيذ


الحكم يعدّ «سابقة قضائية»، وإن كان في الجزء الأول من الأحكام الجزائية مخففاً. مع ذلك، كان يكفي إلحاق تلك الصفة به لكونه أتى شاملاً، ولم يستثنِ أحداً منه، فأدان الجميع بـ«التكافل والتضامن» في قضية خطأ طبي. وهو ما يعتبره أصحاب القضية «انتصاراً» في وجه «المعتدين» على طفلتهم، وتالياً في وجه الحصانة التي منحها الأطباء لأنفسهم بحماية نقابتهم. لكنها تبقى معركة أولى. فما صدر أمس ليس نهاية لقضية إيلا في القضاء، وإنما البداية، إذ من المفترض أن تبدأ الطفلة معركتها الثانية والثالثة مع المدعى عليهم، في محاكم الاستئناف والتنفيذ. ففي ما يتعلق باستئناف الحكم، من المفترض أن يبدأ هذا المسار في غضون 15 يوماً. وهي معارك توازي في شراستها «معارك المحاكمات»، يقول محامي الجهة المدعية، نادر شافي. وإن كان ما حدث أمس «حكم قوي بالمعيار القانوني». هي درب صعبة لأن من تواجههم إيلا «لن يستسلموا»، لذلك فإن معركة الاستئناف أساس. كما هي المعركة التي تخوضها الطفلة على خطٍ مواز في نقابة الأطباء، والتي لم يحرّكها أيّ نقيب منذ خمس سنوات إلى اليوم. فإضافة إلى المسار القضائي، رفع وكيل طنوس شكوى مسلكيّة بحقّ الأطباء أمام نقابة الأطباء، إلا «أنه إلى الآن لم يبتّ العمل بها، وهي محفوظة بحجّة أن الجزاء يعقل الحقوق». وبرغم المراجعة القانونية التي قامت بها الجهة المدّعية، إلا أن النقابة لم تتحرّك حتّى هذه اللحظات. فيما ليس معلوماً، بعد صدور الحكم الذي يدين طبيبَين لتسبّبهما في بتر أطراف الطفلة، ما إذا كان موقف النقابة سيتغيّر.