«أكشن!» صرخ المخرج بصوت عالٍ ودار موتور الكاميرا. قفز الكابتن للمرة الأخيرة من مروحيّة الحياة، بعدما لعب دوراً طويلاً في مشهد طويل. فؤاد شرف الدين (1941 ـــ 2024) غادر هذا العالم ليل أمس. غادر بسلام وهو نائم في سريره. ترك ذاك الحلم الكبير الذي كان يرتدي به ثياباً سوداء اللون، بجعبة مزخرة بالرصاص وبارودة حربية. هو الذي دافع عن الحق وقهر الأشرار على الشاشة. ممثل ومخرج وكاتب قدّم أدواراً كثيرة في السينما اللبنانية والمصرية وكانوا يلقّبونه بالكابتن. لم تكن لإطلالته مثيل. كان يتمتّع بصوت ووسامة تضاهي ممثّلي هوليوود. ولد عام 1941 ودخل مصادفة عالم السينما، عندما كان يرافق أخاه المخرج يوسف شرف الدين وكان أول من بدأ أفلام «الأكشن» في السينما اللبنانية بـ «حسناء وعمالقة» (1981).

كان يقفز من طائرة أو شرفة، ويركض بين النيران والرصاص الحيّ

كان يرفض أن يكون له «ستانت» لأداء الأدوار الخطيرة مكانه. كان يقفز من طائرة أو شرفة، ويركض بين النيران والرصاص الحيّ. شجاعته رافقت إبداعه في الأداء. شارك أكثر من 13 فيلماً سينمائياً ومسلسلات عدة (أبرزها مسلسل «الدالي»).
امتدت الفترة الذهبية التي حلّق عبرها كنجم سينمائي من الستينيات إلى الثمانينيات، مع أفلام مثل «فتيات الرقم الصعب»، و«المجازف»، و«الممر الأخير»، و«المتوحشون»، و«القرار»، و«المحترف والأشباح»، و«قفزة الموت»، و«الصرخة» (كاتب ومخرج)... وكان يلقّب بـ «تشاك نوريس العرب» بسبب تشابههما. شارك أيضاً في عملَين مسرحيَّين هما «أبو عصام» و«بعدين».
وتعامل مع ممثلات وممثلين من الطراز الأول على غرار نور الشريف، السي فرنيني، محمود مبسوط، رولا حمادة، ميشال تابت، أحمد الزين، خالد السيد، علي الزين، بيار جماجيان، شوقي متى، سامي كلارك...
صرخ مخرج الحياة الكبير: «CUT»، انتهى المشهد. كان مشهداً جميلاً، طويلاً ومليئاً بالمغامرات، وبرحيله، طويت صفحة في تاريخ السينما اللبنانية. ذهب فؤاد شرف الدين بسلام من دون أن يُهان، فالممثل في هذه البلاد يتعذب في حياته ومماته. نقابة الفنانين وعلى رأسها النقيب نعمة بدوي ووزارة الصحة وبعض السياسيين ساعدوا فؤاد شرف الدين وابنته جومانا لتأمين مستلزمات العملية الجراحية والتطبيب، لكنّه ترك هذا العالم الفاني بقفزة تليق بالكابتن.
فؤاد شرف الدين، شكراً على هذا الفيلم الجميل، فيلم الحياة والحلم الكبير.

* كاتب ومخرج وممثل مسرحي

■ يصلّى على جثمانه اليوم عند الثالثة من بعد الظهر في «جبانة روضة الشهيدين» في الغبيري (بيروت). وتُقبل التعازي اليوم قبل الدفن وبعده ويوم الخميس في منزل العائلة في بيروت (المصيطبة ـ شارع مار الياس الرئيسي ـــ «بناية شرف الدين» بالقرب من «فرن الشامي»).