«نعم سأقاضي «الجديد» لأنّه تلفزيون فاشل ومسيّس وعنصري» هكذا قال فضل شاكر (1969) لـ«الأخبار» رداً على المحطة اللبنانية التي وصفته بـ«فضل شاكر العبسي» في مقدّمة نشرة الأخبار أول من أمس. وتابع الفنان: «قولوا لـ«الجديد» إنّ أخي في المنزل إذا ارادوا تصويره، ولم يقاتل مع فتح الإسلام كما أوردت القناة». وعن الهجوم الذي تعرّض له عبر مواقع التواصل الاجتماعي بسبب مشاركته في التظاهرة السلفية في بيروت، أجاب: «لا يهمني. الله يخزيهن». أما مديرة قسم الأخبار في «الجديد» مريم البسام فتردّ بضحكة عليه قائلةً: «نحبّه وسنظل نستمع إليه. لكنّنا نرفض هذا الاتهام. هو يشارك في تظاهرة مع أشخاص ينتمون إلى فكر شاكر العبسي، فيجب أن يتحمّل النقد عندما يدخل ميدان السياسة».
لكن ما الذي دفع شاكر إلى صفوف السلفية؟ سؤال لا يبدو محيراً لمتابعي هذا الفنان خصوصاً أنّه نشأ في صيدا من عائلة شمندر اللبنانية كما يقول لـ«الأخبار». عاش شاكر حياة الفقر، وحفظ باكراً أغنيات وردة وأم كلثوم. كان لرجل الأعمال السوري اللبناني الراحل توفيق أحمد بيرقدار الفضل في إقناع شاكر بالنزول إلى المدينة والغناء هناك. هكذا، شهدت تسعينيات ما بعد الحرب الأهلية الفتى مغرِّداً في مربع «صحارى» (انطلياس) ثم الـ«إفري نايت» (مبنى صيدلية بسترس ــ الحمرا) الذي استثمره توفيق بيرقدار أيضاً.
ذات يوم، لم تعد حسابات بيرقدار المادية تناسب الفتى صاحب الصوت الهادئ. قرّر دخول لعبة الإنتاج الخاص بعد عشرات الأغنيات التي وزعت على عربات بائعي الموسيقى في المناطق الشعبيّة كصبرا والطريق الجديدة وبعض أحياء صيدا. يومها، أدار أعماله رامي حمدان الذي يمكن اعتباره صانع مجد شاكر الفني. لكنّه اختار في 2005 أن يتخلّى عن عمله، مفضّلاً دور الصديق والمستشار للفنان. أما نجم شاكر، فسطع بعد صدور «يا غايب» (2003) و«الهستيريا» التي رافقتها. منذ ذلك الوقت، بدأت حياته تتغير على الصعيدين الفني والإنساني. أما رامي حمدان الذي فتح الآفاق أمام المطرب، فكان قد صار مديراً لمكتب أحد أبرز رجال الاعمال القطريين. ويقال إن فضل ألغى في عام 2007 جولة تشمل أوروبا، ودفع البند الجزائي لكل المتعهدين، ليعتكف مع بعض الأصدقاء القطريين. ومن يومها، بدأت قصة الاعتزال تراود صاحب «بياع القلوب».
عاش شاكر حياة عبثية لم تغب عنها تهمة تعاطي الممنوعات. لكنه أكمل فنياً وأصبح النجم الأوحد لصيدا. شده الوتر الطائفي بعد اغتيال رفيق الحريري عام 2005 وبدأت تظهر ميوله المذهبية. كان يوزع «العيدية» على الجميع في المناسبات خصوصاً في عيد الأضحى، وكان يردّد دوماً «الله يرزقني بحسنتهم». هكذا إلى جانب المد الأصولي داخل منزل فضل شمندر، كان المد المادي يأتيه من المقربين في الخارج، عبر التنسيق مع رامي حمدان ومكتب الشيخ القطري. ثم جاءت «الثورات العربية» لتكرّس موقعه الجديد، بعدما خاض مناوشات على خلفية مذهبية مع مطربين آخرين... وهنا خرج إلى النور دعمه للشيخ السلفي أحمد الأسير الذي توجّ يوم الأحد بظهوره أمام الكاميرات. لكن شاكر يردّ بشراسة على منتقديه: «لا أحد يموّلنا. الشيخ أحمد الأسير أكبر من أن يرتهن لأحد». وينفي تهمة الدعم القطري. ويبرّر بقاءه في الفن بمساعدة الفقراء رغم أنّ فكرة الاعتزال تراوده دوماً. وهنا المفارقة التي كانت محلّ انتقادات الجمهور، خصوصاً أنّ هذا التيار يعتبر الغناء من المحرمات. والسؤال: هل سينجح فضل شاكر في التوفيق بين الفن والسلفية؟ سؤال ستجيب عنه الأيّام المقبلة...