عزيزتي كريمة الصقلي، كنت أود أن أكتب لأعتذر عن النبرة القاسية التي كتبت بها عنك في «الأخبار» يوم الأربعاء الماضي («كريمة الصقلي: ساعة بقرب اسرائيل» 12/6/2013) . النبرة القاسية مبعثها التقدير لصوتك ولما تمثلينه وليس استهدافاً كما قد تكون أوحت تلك النبرة. يقال إن العتب على قدر المحبة وما عتبي إلا من محبة مسؤولة وحرص على ما يجمعنا من قيم، والغناء العربي عندي يمثل تاريخنا وإنسانيتنا وتوقنا إلى الغد الذي نستحقه.
إن توضيحك بأن ذلك الحوار مع إذاعة الاحتلال الاسرائيلي (الأخبار14/6/2013) أُجري عن طريق الخداع وأن المذيع، “صاحب الصوت الرخيم”، إدّعى أنه من إذاعة فلسطينية في الناصرة، إنما يلغي بشكلٍ فوري إدانتي المتسرعة. وإن كنت لا أخفيك بأنه رد غير موفق. وعليّ أن أقول إني عاتب قليلاً من أشار عليك بكتابة رد يهاجمني شخصياً، وما كان لذلك ضرورة. كان توضيحك سينهي المسألة وسيجعلني أقف على الفور في صفك كما أفعل الآن.
مثل جميع من استمعوا لذلك اللقاء، خدعني "صاحب الصوت الرخيم"، وأوهمني كما أوهم كل من استمع لذلك اللقاء على مدار ساعة، أنك مستضافة بعلمك "على أثير صوت إسرائيل". ومن الطريف أن أخبرك أن المذكور هو مسؤول البرامج الدينية في إذاعة الاحتلال وأنه يُهَدِّج صوته بورع في المناسبات ولا سيما في شهر رمضان.
صحيح أن مقالي كان قاسياً، بل ويمكن وصفه باللئيم إن أحببتِ، ولكن ببساطه: كنت واقعاً في الفخ ومصدقاً أنك تحدثت بتلك المودة لإذاعة الاحتلال، وكان من الطبيعي أن أستنكر وأن أعبّر عن امتعاضي من سهرة عن القيم والأخلاق مع إذاعة الاحتلال. لكن لا شيء شخصياً في الأمر. لو حدث ما حدث مع أي فنان أو فنانة عربية لكنت كتبت بنفس النبرة ولكان موقفي نفسه. بشرط أن تكون مغنية بحق وصوتها جميلاً، أما رديئات الصوت فلا أحد يزعل كثيراً حين ينحدرن!
صحيح أنني أتأسف الآن على التسرع بنشر ذلك الموقف وما كانت عندي وسيلة للاتصال بك، ولكن لولا ذلك النشر فربما ما كان يمكن كشف أن ذلك الحوار كان ملفقاً، ولاستمر مذيع "صوت اسرائيل" بخداع فنانين عرب آخرين بنفس الوسيلة، ولعله من الخير أن القصة خرجت إلى حيز النقاش لتبيان الالتباس ووضع النقاط على الحروف.  
لكن وإذ أعترف بتسرعي في النشر، ألا تظنين أنك أيضاً قد تسرّعت باتهام تغطيتي بأنها شخصية و"مليئة بالغمز واللمز" بل والتلميح بأنها غير أخلاقية؟ وهلا راجعت ردّك (أو الردّ المنشور باسمك) لتري مقدار ما فيه من الغمز واللمز. ثم أين هي الفقرة التي فيها "هجوم" على "الغناء المغربي وعلى الفن العربي الملتزم بصورة عامة"، أليس هذا تزيّداً ومبالغة؟ (صدّقيني الفعل اللاأخلاقي الوحيد هو سوء الطوية).
عموماً من واجبي الآن الدفاع عنك ضد هكذا تزييف، بل وأتعهد بتوضيحه لأي جهة أخرى نقلت الخبر. أما "صوت إسرائيل" فلا يمكننا أن نزيده فوق ما عنده من عار، فتاريخه من تاريخ الكيان الاستعماري الذي ينطق باسمه، هو الآخر قائم على السرقة والكذب والانتحال.
وبعد، فإن موقفك الصادق من فلسطين أهم من كلّ ما سبق، وهي بلدك مثلما هي بلدي، وأرجو أن نسمعك فيها قريباً.. لا تنسي، أجمل حارات القدس التي هدمها الاحتلال اسمها حارة المغاربة. مع المحبة والتضامن.