مع كل رحيل جديد لأحد نجوم «هوليوود الشرق»، تتجدد الأزمة من دون الوصول لحلول حقيقية. باتت تغطية جنازات المشاهير في مصر قضية جدلية بسبب تجاوزات حاملي الهواتف المحمولة من غير الصحافيين، فيما وحدهم أهل مهنة المتاعب يتحمّلون العواقب.هل عدد الموجودين لتغطية جنازات المشاهير يوازي عدد الصحف الموجودة في مصر فعلاً؟ سؤال مشروع ومنطقي طرحه الإعلامي عمرو أديب، مساء أوّل من أمس الجمعة في برنامجه «الحكاية» على «mbc مصر»، عشية رحيل صلاح السعدني. سؤال يُفترض أنّه يبعد أصابع اللوم عن الصحافة، المتهمة الجاهزة التي تتحمّل تبعات ما يحدث من تجاوزات خلال التغطيات. لكن أحداً لا يبحث عن إجابة منطقية أو حل فعال، بل يذهب الجميع إلى الحل الأسهل: المنع. وهذا ما حصل فعلاً مساء أمس الأحد، حيث لم يُسمح بتصوير عزاء «عمدة الدراما المصرية» بعدما أصدرت «نقابة الممثلين» بياناً أكّدت فيه أنّه قرار يجب احترامه، الأمر الذي أثار موجة غضب عارمة بين الصحافيين.
صحيح أنّ هناك صحافيين غير مؤهلين لمثل هذه المتابعات، كما أنّ دخول المنصات مجال الإنتاج المرئي دفع الكلّ إلى المسارعة لالتقاط فيديوات تحقق ملايين المشاهدات عكس ما كان يحدث عندما كان النقل يقتصر على التصوير الفوتوغرافي، غير أنّ ما لا يعترف به المنتقدون أنّ معظم الموجودين ليسوا صحافيين أصلاً، وأنّ منع الصحافة من التغطية يضرّ الأرشيف الفني على المدى الطويل. وها نحن أمام عزاء فنان بحجم صلاح السعدني لم تتوافر منه صورة واحدة، باستثناء بعض اللقطات لوفد إماراتي حضر للمواساة.
في السنوات الأخيرة وبسبب المتغيّرات التي فرضها فايسبوك على المجتمع بأسره، بات كثيرون يتكسّبون من إنتاج فيديوات تحقق ملايين المشاهدات من دون أي مجهود فني أو إبداعي. إذ يلتقط مندوبون أكبر قدر ممكن من مقاطع الفيديو ويعيدون بثّها على فايسبوك وإنستغرام محققين عائدات مرتفعة. وهو ما فعلته أيضاً منصات صحافية، سرعان ما راجعت مواقفها خصوصاً أنّ التعليق والنقد يطالها بعنف عند حدوث مخالفات، كان آخرها في عزاء الفنانة الراحلة شيرين سيف النصر. يومها، ظهر شخص يصف نفسه بأنّه «شبيه عادل إمام»، أبرزته بعض الصحف كشخصية عامة بهدف جذب المتابعين والمشاهدات التي تتحوّل إلى دولارات.
يضاف إلى ما سبق محاولة بعض المراسلين تسجيل تصريحات للفنانين الملكومين، طارحين عليهم أسئلة مستفزة تثير غضب النجوم. وكان آخرهم أحمد صلاح السعدني الذي ظهر ومحمد عادل إمام غاضبَيْن في لقطات عدّة، مهّدت لقرار منع تصوير العزاء الذي أقيم أمس.
باختصار، التجاوزات كثيرة بسبب أشخاص معظمهم لا ينتمون إلى الجسم الصحافي، لكن بدلاً من وضع نظام محكم للتغطية والاتفاق مع الجهات المعنية على حماية الجنازة ومنع دخول غير الصحافيين، يصبح الحل الأسهل منع التصوير كلياً وحرمان الناس من توثيق الأحداث. قرار سرعان ما سيسقط مع أقرب جنازة، قبل أن يُمنع التصوير مجدداً، وندخل في دوّامة دون الوصول إلى حل نهائي لوداع يليق بالمشاهير ولا يحرم الجمهور من الحق في المعرفة.