بهدوء وبدون صخب مسبق ودعاية مبالغ فيها، نجح المسلسل الكوميدي «أشغال شقة» في نيل إعجاب الجمهور بعد الأيام الثلاثة الأولى في السباق الرمضاني، المسلسل الذي يعرض حصرياً على شاشة «إم. بي. سي. مصر» ومنصة «شاهد»، قدّم لجمهوره قدراً كبيراً من الضحكات من دون ابتذال أو تكرار، اعتماداً على موهبة ممثليه أولاً والقدرة على خلق المواقف الكوميدية من داخل الدراما ثانياً. رغم أن الفكرة نفسها ليست بالجديدة، وقدمتها السينما المصرية قبلاً في فيلم «صباح الخير يا زوجتي العزيزة»، لكن صنّاع كوميديا «أشغال شقة» لم يتأثروا بالحبكة القديمة، وخلقوا مساحة جديدة للإضحاك مدعومةً بالمنطق قدر المستطاع عكس العديد من المسلسلات الكوميدية التي تنحاز للضحك ولو سار في اتجاه معاكس للدراما.
ينطلق مسلسل «أشغال شقة» من نقطة انتظار طبيب شرعي وزوجته الإعلامية لمولودهما الأول، كلاهما لديه شغف بمهنته ويريد الحفاظ على نجاحاته الخاصة. في الوقت نفسه، تنتمي والدة «حمدي» إلى ثقافة مغايرة تماماً لأسرة «ياسمين» ووالدتها، مما يعيدنا مرة أخرى إلى ثنائية صراع الحموات على الشاشة الصغيرة. وبينما يمارس الطبيب الشرعي حمدي مهام وظيفته بعد وقوع جريمة قتل، يفاجأ بأنّ زوجته أنجبت توأماً من دون أي استعداد مسبق للتعامل مع الوضع، فيصبح الحل في وجود «خادمة» تدور حولها أحداث كل حلقة.
تتولد المواقف الكوميدية في المسلسل من خطوط متوازية ومتقاطعة في آن: ثنائية الطبيب الشرعي ومساعده محدود الأفق والاستغلالي في آن، وما يواجهانه من مفارقات في الجرائم المختلفة، ثم العلاقة الرباعية بين الزوجين والحماتين، والأهم ما تغيّره كل «خادمة» جديدة في المعادلة بشكل يجعل حياتهما أكثر صعوبة بدلاً من التسهيل المتوقع بوجود اليد المعينة داخل المنزل.
من خلال «أشغال شاقة» (كتابة شيرين وخالد دياب، إخراج خالد دياب) يربح هشام ماجد الرهان مبكراً كونه ينافس شريك رحلته للمرة الأولى في سباق رمضاني، حيث يقدم شيكو مسلسلاً كوميدياً على الشاشة نفسها، لكن في النصف الثاني من رمضان. وفيما كانت التعليقات المبكرة تتساءل حول قدرته على الإضحاك منفرداً بدون زميله في سلسلة «اللعبة»، خالف هشام ماجد التوقعات وقدم حبكة درامية مضحكة معتمداً على مفارقات انطلقت من رسم الشخصيات بعناية ودقة اختيار فريق التمثيل، مع الوضع في الاعتبار أنّ المسلسل من الناحية الانتاجية غير مكلف ومعظم الأحداث تدور بين الشقة ومصلحة الطب الشرعي وأحياناً في القناة التي تعمل فيها الزوجة وتحارب من أجل الاستمرار على شاشتها.
ماجد الذي ظهر في مسلسلات سابقة بدون شيكو، كان يؤدي البطولة أمام دنيا سمير غانم أي شريك للبطلة الرئيسية، لكنه في «أشغال شقة» كوّن دويتو مقبولاً للغاية مع أسماء جلال في أول عمل كوميدي للممثلة الصاعدة بقوة خلال الأعوام الأخيرة. كذلك يحسب لماجد اعطاؤه مساحة كبيرة للممثل الكوميدي الصاعد مصطفى غريب الذي يشاركه معظم المواقف المضحكة وهي سمة تميز أعمال ماجد وشيكو بشكل عام، إذ لا يحتكران الإضحاك على الإطلاق سواء في السينما أو التلفزيون، كذلك جاءت ثنائية الحموات مميزة إلى حد كبير. الفنانة الكبيرة شيرين تقدم شخصية الحماة غير المقتنعة بزوجة ابنها الوحيد والمخلصة لكل الموضات القديمة مستغلة قدرتها على الانفاق لتجبر الزوجين على قبول ذوق كلاسيكي للغاية. وعلى الناحية الأخرى تنتمي سلوى محمد علي والدة الزوجة إلى طبقة أعلى، حتى إنّها لا تمتلك خبرة حقيقية في تربية الأطفال، ما يجعل الزوجين في أزمة تمهد للاستعانة سريعاً بأول خادمة كون «الجدّتين» غير قادرتين على التعاون والمشاركة في تحمل مسؤولية التوأم.
الخادمة الأولى كانت «انتصار» مدمنة الحديث على الهاتف الخليوي وإن أدى ذلك إلى حدوث كوارث، والثانية إيمان السيد مدمنة الطبخ إلى درجة إصابة الزوجة بالتخمة، فيكون القرار دائماً هو التخلص من الخادمة والبحث عن بديل. يعدّ المسلسل العمل الكوميدي الأول للشقيقين شيرين وخالد دياب اللذين قدما «تحت الوصاية»، أحد أكثر المسلسلات «تراجيديةً» في سباق الموسم الماضي.
--
* «أشغال شقة» : س: 2100 بتوقيت مصر على «إم. بي. سي. مصر» وس:00:00 منصة «شاهد»
---