مغامرة من تسع حلقات اجتازها النجم المصري أحمد السقا بنجاح، ليؤكد من خلال مسلسل «حلقة أخيرة» أنه قادر على العودة والقيام من جديد بعدما تلقى ضربات عدّة بسبب اخفاقات تلفزيونية وسينمائية كادت تؤثّر على جماهيريته. «شجيع» هو اسم الشهرة لبطل لعبة الـ MMA «يحيي نور الدين» الذي يجسّده السقا في أوّل الإنتاجات العربية الأصلية على منصة «أمازون برايم». و«شجيع» هي أيضاً صفة شخصية شهيرة في أوبريت «عرائس الليلة الكبيرة»، أبرز ما قدّمه والده الراحل صلاح السقا. من أغنية «أنا شجيع السيما»، انطلق المسلسل المُهدى للأب الراحل والذي تدور أحداثه فعلياً حول علاقة البطل المضطربة بوالده.
«جولة أخيرة» عمل درامي متعدد المستويات. في القصة البسيطة ظاهراً، نرى طبيباً غير مقتنع بمهنته وملاكم MMA (فنون القتال المختلطة) سابق، يعتزل بعدما سقط منافسه ميتاً بعد خروجهما من الحلبة. تنقلب حياته كلّها رأساً على عقب، إجتماعياً ونفسياً وصحياً. إذ يصاب بمرض النسيان المبكر، فيما يعاني والده من الأزهايمر. يظهر خبير مراهنات من جديد في حياة البطل المكتئب ويقنعه بالعودة لنظن أنّنا أمام مسلسل عن عودة بطل معتزل، قبل أن تقودنا الأحداث للقصة الأعمق، حيث تعاني الشخصيات الرئيسية من عقد دفينة معظمها مرتبطة بالأب. عانى «شجيع» من تسلّط والده وإجباره على دراسة الطب، ثم انفصاله عن زوجته وانعدام ثقة ابنته به. أما المدرّب المعتزل «تامبي»، فعانى من فقدان الإبن الذي هاجر إلى روسيا طفلاً وظلّ يبحث عنه طوال الحلقات حتى عثر الابن على أبيه وليس العكس. «شبكة» رجل المراهنات الشخصية الأكثر تعقيداً، ابن بائعة هوى لا يعرف له أباً يحاول تطهير حياته من خلال إدارة أعمال المصارعين، لكن عقبات عدّة تقف في طريقه، أبرزها إحساسه المزمن بالنقص لغياب الأب. وسط كل هذا، تتأثّر الشخصيات النسائية بانهيار الرجال، في نسيج من الأحداث الدرامية المشوّقة التي نجح في كتابتها أحمد ندا وأخرجتها مريم أحمدي وأنتجها صادق الصبّاح.
الجماهيرية الكبيرة التي حظي بها المسلسل، لا تعني اشتراك المتفرجين في خدمة «أمازون برايم»، إذ وفّرت منصات القرصنة الحلقات للجمهور غير القادر على الدفع من أجل مشاهدة مسلسل عربي وحيد حتى الآن على المنصة الأميركية. لكن متابعة الجمهور لتفاصيل العمل، خصوصاً أداء الممثلين، أكدت نجاحه وأنّ السقا عاد من خلاله إلى مرحلة ما قبل العثرات، بعدما قدّم أكثر من عمل تراوحت بين المتوسط والضعيف، وتحديداً خصوصا مسلسل «نسل الأغراب» (2021 ــ كتابة وإخراج محمد سامي)، الأمر الذي أعطى نجم الحركة البارز دفعة قوية قبل عرض مسلسله «العتاولة» (تأليف هشام هلال، وإخراج أحمد خالد موسى) في رمضان المقبل.
في سياق آخر، تال معظم الأبطال إشادات جمّة، وفي مقدمتهم الممثل الكوميدي أشرف عبد الباقي الذي قدّم شخصية مدرّب الـ MMA «تامبي»، ونجح في مفاجأة الجمهور بتفاصيل وملامح غير مسبوقة في ما قدّمه سابقاً. كذلك، أكد الممثل الشاب علي صبحي من خلال شخصية «شبكة» مجهول الأب قدراته الفنية العالية ليضيف المزيد إلى رصيده بعد أدائه البارز في حلقات «تحت الوصاية» (ﺗﺄﻟﻴﻒ خالد وشيرين دياب، ﺇﺧﺮاﺝ محمد شاكر خضير) أمام منى زكي في رمضان 2023، فيما حصد رشدي الشامي الذي جسد شخصية والد «شجيع» المصاب بالأزهايمر استحساناً واسعاً كعادته في السنوات الأخيرة، خصوصاً مشهد الموت في الحلقة الثامنة.
بدورها، أضافت المشاركات النسائية كثيراً إلى العمل سواءً ضيفة الشرف حنان مطاوع، أو الطفلة ملك التي ظهرت بدور إبنة «شجيع»، والثلاثي صفاء الطوخي وحنان سليمان وسحر رامي (بائعات هوى معتزلات)، بالإضافة لأسماء أبو اليزيد التي جسدت زوجة المصارع الذي سقط ميتاً في الحلقة الأولى وكيف تدهورت بها الحال للعمل في مركب تنشط في تقديم تجارة الجنس، مع إطلالة على عالم فيديوات التيك توك السرية التي تمارس من خلالها أنشطة غير مشروعة.
باختصار، يمكن القول إنّ «جولة أخيرة» يشكّل صفحةً جديدة في مشوار أحمد السقا الذي كسب الرهان، تماماً كما كسبت «أمازون» رهانها عليه رغم الانتقادات التي تعرض لها أخيراً. هكذا، باتت المنصة الأميركية تملك عملاً أصلياً عربياً ناجحاً في انتظار الإعلان عن المزيد.