لم يسبق أن شعر من يتعاطى مع «نقابة الفنانين السوريين» بالأريحية التي يرخي بظلالها النقيب الحالي محسن غازي. خلّص الأخير النقابة من ثقل الأعباء والأسوار العالية التي كانت محاطة بها على زمن المجلس السابق. بمعنى أنه فتح الأبواب وأزال الستائر وترك الأوكسجين يلعب في مكاتبها على المستويين العملي والمجازي. بينما إعتاد محسن ألا يجلس خلف مكتب، ويمكن مقابلته من زملائه والمراجعين في أيّ وقت خارج أوقات الاجتماعات الرسمية، يمضي يومه في محاولة خدمة المنتسبين للنقابة. هو فعلياً النقيب الـ 11 في تاريخ النقابة التي تأسست العام 1968 وقد عيّن خلفاً للفنانين، دريد لحام، وعلي عقلة عرسان، وأمين الخياط، وصباح فخري، وسهيل كنعان، وأسعد فضة، وصباح عبيد، وأسعد عيد، وفاديا خطاب وزهير رمضان. سبق للنقيب الحالي أن كان عضواً في المكتب التنفيذي لـ«إتحاد الفنانين العرب» (2009 – 2013)، إضافة إلى عضويته في مجلس الشعب السوري (البرلمان) لدورين تشريعيين.ضجّت السوشال ميديا السورية أخيراً بصور وفيديوات من حفلة تكريم أقامتها النقابة للمتقاعدين، وكان على رأسهم نجما سينما الستينيات أديب قدّورة وإغراء، وعدد كبير من الفنانين السوريين.
في حديثه معنا، يقول محسن غازي عن هذه الخطوة «فكرة التكريم بدأت مع تكليفي بهذه المهمة وحصولي على ثقة زملائي. كما أنها خلقت من إيمان حقيقي لدينا بضرورة التركيز على الجانب الإنساني والاجتماعي للمنتسبين للنقابة. علماً أنه لم يسبق للنقابة أن اهتمت بهذا الجانب كما يجب». ويضيف «من الضروري اليوم تقدير مسيرة الفنان والاهتمام به بعدما وصل إلى سنّ التقاعد وإعادة إيقاع النبض فيه. من هنا أتت فكرة التكريم في محاولة لعناية المتقاعدين وأُسَر المتوفين منهم وقد رصدت مبلغ 600 مليون ليرة سورية (قرابة 50 ألف دولار أميركي) لهذه الغاية. وحددت جدولاً زمنياً يضمّ حفلة رسمية في «دار الأوبرا»، لكن بسبب العدوان على غزة تم تأجيلها. وضمن الجدول أيضاً تكريم المتقاعدين وكافة أُسَر الزملاء الراحلين الذين يبلغ عددهم 1200 شخص. وغالبيتهم في فروع اللاذقية، وطرطوس، وحمص، وحلب، وحماة، والسويداء، ودرعا، والقنيطرة وريف دمشق. أما العدد الأكبر فكان من فرع دمشق. إذ أفردنا المساحة لـ 201 من الزملاء ببراءة التقدير وكتاب الشكر، وكل متقاعد ووارث راحل تم تخصيص له مبلغ كإعانة لهم. ولكن الفكرة الأهم هي جمعهم بعد ما يقارب عشرين عاماً». يوضح نقيب الفنانين السوريين «استطعت أن أرسم ابتسامة على وجوه الفنانين. هذا التكريم هو الأول في تاريخ نقابة الفنانين في سورية كحالة جماعية، وإنطلق من قاعدة أساسية هي الاحتفاء بالمسيرة الإبداعية للزملاء بمختلف اختصاصاتهم الفنية لأنهم من مؤسسي المشهد الإبداعي السوري على مساحة الوطن العربي. وهم من صنعوا لنا هذه المكانة التي يقودها العرب من خلال بنائهم المداميك التأسيسية للصنعة كلها. من الواجب علينا ألا ننسى هذه المسيرة، وسنحرص دوماً على الحفاوة بها وهذا في الأصل جوهر العمل النقابي. غالباً بهذه الخطوة نكون قد تميّزنا عن بقية النقابات الأخرى في سوريا، وكنّا السباقين في هذه الخطوة التي يجب تعميمها على جميع النقابات».