منذ 2016، تخرّجت سهر صالح من «المعهد العالي للفنون المسرحية» في بلد بأفضل أحواله لا يحتاج سنوياً أكثر من 10 ممثلين جدد، قياساً لنسبة الأعمال التي تنتج. لكن سوريا اليوم «تخرّج» سنوياً أكثر من 150 ممثلاً سواء من المعهد أو من الجامعات الخاصة و«المعاهد التجارية». ماذا تفعل صبيّة في مقتبل العمر تنضح موهبة لكّنها تعيش في مستنقع من الخراب. اللافت أنّ سهير لا تملك فقط موهبة التمثيل ببراعة فقط، بل تجيد الغناء بطريقة تطرب مستمعها. هكذا، لعبت العديد من الأدوار في الكثير من المسلسلات التلفزيونية مثل «ناس من ورق» (أسامة كوكش ووائل رمضان) و«أثر الفراشة» (محمود عبد الكريم وزهير قنوع) وبعض التجارب السينمائية من دون أن تحقق الأثر المطلوب على الأقل جماهيرياً، إلى أن أتت فرصتها في مسلسل «مع وقف التنفيذ» (كتابة علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج سيف السبيعي). بغضّ النظر عن الرأي النقدي بالعمل وسويته ككل، إلا أنه شكّل فرصة انطلاق جماهيرية لسهير بعدما أدّت أغنية «خاروف حبّ الحلوة» برفقة النجمة صفاء سلطان، فصارت «تريند». هذا الموسم تلعب سهير في أكثر من مكان، أحدها خماسية «تيمبو» (كتابة ريم عثمان معالجة درامية أحمد القصار إخراج إبراهيم قاسم بطولة: سوزان نجم الدين وجلال شموط ورامي أحمر). في موقع تصوير العمل، حكت الممثلة السورية الشابة لنا عن دورها في هذا المسلسل القصير فقالت إنّها «تجسد شخصيّة ياسمين وهي ابنة ضيعة تعاني من ظروف قاسية مع عائلتها بسبب فقدانها المبّكر للأم ما وضعها في مواجهة مباشرة مع مسؤوليات جسمية وهي ما زالت صغيرة على حمل هذا العبء بينما أعتى أحلامها كان أن تعيش بحرية وتجعل الآخرين ينصتون بإمعان لها عندما تتكلم، وهو ما جعلني أتعاطف مع هذه الشخصية، فوضعت نصب عيني محاولة جعل المتلقي يتعاطف معها أيضاً عندما يراها» وتضيف «لفتني الاختلاف الجذري بين ياسمين وبيني، لأنني حظيت في حياتي ببيئة داعمة ومريحة ومتحررة فكرياً، لذا أحب وضع نفسي في مكانها واكتشافي طبيعتها الخام ومكانها وشخصيتها».بعيداً عن هذا العمل، تحضر الممثلة الشابة على السوشال ميديا بشكل لطيف وتقدّم فيديوات تمثيلية محترمة تحاول إيصال فكرة أو رسالة أو أغنية من خلالها. عن هذا الجانب، تفصح بالقول: «لست صانعة محتوى ولا حتى شخصاً نشطاً على مواقع التواصل الاجتماعي، أشارك فقط بعض الأشياء التي أحبها، وجزءاً من حياتي الذي يخص عائلتي والرحلات التي أقوم بها ضمن صيغة أتمنى بأن تكون خفيفة الظلّ».
في هذا السياق، حكت مرّة كيف انقسمت عائلتها على تسميتها وطريقة التعاطي معها عندما ولدت لأن نصفها من حوران ونصفها الآخر من الساحل. ولعل هذا التباين جعلها تبرع في أداء أغنيات من التراث حوران الغنائي المدهش. تقول: « كما كلّ سوريا، حوران تعني لي بكاملها، ليس تراثها فقط، بل حكاياتها، سكّانها، طريقة اللباس فيها، أكلها، حتى أمثالها الشعبية أيضاً، هي جزء مني وجزء كبير من شخصيتي وشكلي الواضح أنه حوراني».
الثقة سمة ظاهرة عندها من خلال قدرتها على التعاطي المريح مع المحيط حتى من دون سابق معرفة. تعقّب على ذلك بالقول: «منذ ظهوري على الشاشة وهناك إحساس لدى غالبية من أتعامل معهم، أنني أشبه أحد معارفهم أو أقربائهم، وكثيراً ما كنت أسمع هذه التعليقات، التي صارت تزعجني لفترة لأنني كنت أفضّل أن يكون لديّ شكلي الخاص باعتبار أنني ممثلة. بعد فترة، صار الأمر بمثابة متعة خالصة لأنني فهمت بأن أكون ممثلة وأشبه الكثير من الناس، فهذا يعني أنه شيء مريح للمشاهد، طالما أنني اتقاطع معه ولو على مستوى الهيئة البرانية التي لمسها. لذا يمكنني الحديث عن مواجعه بصيغة عميقة، ويمكن أن أحلّ مكانه في المطرح الذي لا يستطيع هو التواجد فيه». أخيراً تترك انطباعها عن الصيغة التي يمكن للممثل أن يحقق فيها قبولاً وإن كان للجرأة مساحة في ذلك عند جمهورنا المحلي، فتقول: «أحياناً يجبرنا الدور على الخروج عن الأعراف التي تحكم حياتنا. لكن من المؤكد أن لدى المشاهد ثوابت تجاه الأشخاص، بعضهم من يحبّ الممثل منذ بدايته حتى نهايته غافرين له مشاكله، وشيئاً من أخطائه وخياراته، لكن هناك من لا يحالفه الحظّ بالعثور على ذلك القبول الذي أشعر بأنني أحققه عند شريحة من الناس».