تخيّم مناخات هوليوودية على جادة الكروازيت التي ينطلق فيها يوم الثلاثاء المقبل السباق إلى السعفة الذهبية في الدورة السادسة والسبعين لـ «مهرجان كان السينمائي الدولي»، فيما تتجه الأنظار إلى الحضور القياسي لأفلام النساء هذه السنة.وتُسلّط الأضواء على قصر المهرجانات في مدينة كان الفرنسية من 16 إلى 27 أيار (مايو) الحالي، في وقت أدّى إضراب كتّاب السيناريو في هوليوود إلى خضّة في قطاع الفن السابع إذ تسبّب بوقف تصوير الأعمال السينمائية في الولايات المتحدة.
ويؤكد المهرجان السينمائي الشهير الذي تشهد مختلف فئاته وأقسامه عروضاً لنحو مئة فيلم عمق تناغمه مع هوليوود من خلال الحضور القوي للسينما الأميركية فيه، بعدما تميّز برنامجه العام الفائت باثنين من أبرز أفلامها، وهما: «إلفيس» (إخراج باز لورمان) و«توب غَن: مافريك» (إخراج جوزيف كوزينسكي).
ويُرتقب حضور عدد من النجوم الهوليووديين على درج قصر المهرجانات في كان، من بينهم هاريسون فورد الذي يعود مجدداً، وقد بلغ الثمانين، إلى تولّي دور عالم الآثار إنديانا جونز في جزء خامس من هذه السلسلة السينمائية الشهيرة التي ألّفها جورج لوكاس وتولى إخراج أفلامها ستيفن سبيلبرغ.
وسيتسنى لرئيسة المهرجان الجديدة، إيريس كنوبلوك، التي أمضت معظم مسيرتها المهنية في استوديوات «وورنر»، إحدى أكبر شركات الإنتاج الأميركية، أن تستقبل أيضاً في كان عدداً آخر من النجوم.
ومن هؤلاء مارتن سكورسيزي الذي سيحضر لمواكبة عرض فيلمه الجديد «كيلرز أوف ذي فلاور مون»، من بطولة ليوناردو دي كابريو وروبرت دي نيرو، والممثل مايكل دوغلاس الذي يُمنح سعفة ذهبية فخرية، وبيدرو باسكال نجم مسلسل «ذا لاست أوف أس» الذي سيكون موجوداً بمناسبة عرض فيلم قصير ناطق بالإنكليزية بعنوان «سترينج واي أوف لايف»، يؤدي بطولته مع إيثان هوك ويحمل توقيع المخرج الإسباني الشهير بيدرو ألمودوفار. ويتناول علاقة مثلية في أجواء الوسترن.
وفي موازاة الكبار المخضرمين، يبرز حضور الجيل الجديد مثلاً من خلال ضمّ الممثلة الأميركية بري لارسون (33 عاماً) المعروفة بدور «كابتن مارفل»، إلى لجنة التحكيم، إلى جانب بول دانو، فيما يسرق النجم «ذا ويكند» الأضواء على السجادة الحمراء لحضوره في مناسبة مسلسلة «ذا آيدول» مع ليلي روز ديب.
وإلى جانب مشاركة الاستديوات الكبرى في «مهرجان كان»، سيكون لمنصات البث التدفقي حضور بارز، ومنها «آبل» التي قررت عرض أفلامها، ومنها شريط سكورسيزي، في دور السينما قبل إتاحتها عبر منصتها. أما نتفليكس، فمستمرة في قرارها عدم إتاحة أفلامها في دور السينما، إذ تعترض على هذه القاعدة المطبقة بصرامة في مسابقة «مهرجان كان».
يتنافس 21 فيلماً على نيل السعفة الذهبية خلفاً لفيلم «مثلث الحزن» الذي يتولى مخرجه السويدي روبن أوستلوند رئاسة لجنة التحكيم هذه السنة.
ويسعى عدد من المخرجين إلى الحصول على السعفة الذهبية للمرة الثانية، من بينهم الإيطالي ناني موريتي والتركي نوري بيلجه جيلان والياباني هيروكازو كوري-إيدا والألماني فيم فندرز، فيما يأمل البريطاني كين لوتش البالغ 86 عاماً في انتزاع ثالثة ليحقق إنجازاً تاريخياً.
وبلغ عدد النساء سبعاً ضمن مخرجي الأفلام المتأهلة للمسابقة الرسمية، ويسجّل المهرجان بذلك رقماً قياسياً في وقت لا تزال الرجال يهيمنون على الصناعة السينمائية رغم الجهود الحثيثة المبذولة من أجل المساواة.
ومع أنّ المخرجات لا يزلن أقلية، فإن كون المخرجات السبع المشاركات أصغر سناً في نظرائهن الرجال يساهم في تجدد المهرجان ويشكل رسالة إلى القطاع برمّته.
ومن هؤلاء المخرجات الفرنسية السنغالية الأصل راماتا تولاي سي التي تشارك في المنافسة عن فيلمها الروائي الأول «بانيل إيه أداما».
ومن أبرز وجوه هذا التجدد المخرجتان جوليا دوكورنو الفائزة بالسعفة الذهبية عام 2021 عن فيلمها «تيتان»، والفرنسية المتحدرة من أصل لبناني أودري ديوان التي فازت في العام نفسه بالدب الذهبي في «مهرجان برلين السينمائي» عن فيلم «ليفنمان»، إذ ستكون الأولى ضمن لجنة تحكيم المسابقة الرسمية في حين اختيرت الثانية ضمن قسم «أسبوع النقاد».
ويتوقع أن يثير فيلم الافتتاح «جانّ دو باري» ضجة واسعة. إذ أنّ مخرجته الفرنسية مايوين تواجه دعوى مرفوعة عليها من الصحافي إدوي بلينيل الذي يتهمها بأنها اعتدت عليه في مطعم.
وتؤدي مايوين شخصياً في الفيلم دور جانّ دو باري، محظية الملك لويس الخامس عشر الذي يجسده النجم الأميركي جوني ديب الذي استُبعد من الأعمال السينمائية الأميركية لمدة بسبب اتهامات بالعنف الزوجي التي وجهتها إليه زوجته السابقة أمبير هيرد ثم الاتهامات المتبادلة بينهما بالتشهير.
وسيكون منبر «كان» بالتالي بمثابة عودة قوية لجوني ديب بعد هذه المواجهة القضائية التي حظيت باهتمام إعلامي واسع.
كذلك، سترافق الضجة على الأرجح فيلم «لو روتور» الروائي لكاترين كورسيني الذي يعرض في اليوم التالي، إذ أن المساعدة المالية الحكومية حُجبت عن هذا الفيلم لكونه لم يصرّح سلفاً، كما يُفترض به قانوناً، عن مشاركة ممثلة دون السادسة عشرة في مشهد جنسي الطابع.