الحنين، هي الكلمة التي يمكن أن نصف بها سهرة «مهرجان قرطاج الدولي»، مساء الجمعة الماضي. سهرة جمعت المايسترو عبد الرحمن العيادي بمجموعة من الأصوات من أجيال مختلفة لتؤدّي أشهر الأعمال التونسية في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، وتكريم الشاعر أحمد الزاوية صاحب الرقم القياسي في خزينة الأغنية التونسية برصيد يصل إلى 650 أغنية.في تلك الليلة، ظهر الفنان سليم دمق بعد غياب طويل عن الأضواء، ليؤدّي «تعالي» من كلمات الشاعر الراحل جعفر الماجد وألحان محمد رضا والتي كانت عنوان شهرته أواخر ثمانينيات القرن الماضي، بالإضافة إلى «ما نحبش فضة وذهب» من كلمات محمد اللجمي وألحان محمد رضا وهي من أشهر أغاني السبعينيات. أما ألفة بن رمضان، فغنت «لا يا سيدي»، من كلمات الهادي بسباس وألحان محمد رضا و«حليلي ويّ» من كلمات رضا الخويني وألحان عبد العزيز بن عبد الله. بدوره، حضر الفنان الراحل يوسف التميمي الملقب بـ «شحرور الخضراء» من خلال الفنان شكري عمر الحناشي الذي غنى له «بين الخمايل» و«ياسمين وفل»، من كلمات أحمد الزاوية وألحان الشاذلي أنور.
وتواصلت السهرة مع أشهر أغاني سلاف «ريدي الغالي» بصوت أسماء بن أحمد، و«معنى الجمال» التي غناها الشاب أحمد الرباعي، فيما غنّت ملكة الشارني (16سنة) «والله ماني تايبة»، وأدّى نور الدين الباجي «اعمل معروف» ليوسف التميمي و«ليلة والمزود خدام» لنجم الفن الشعبي الهادي حبوبة.
هذه السهرة التي حضرها جمهور غفير كرّمت أيضاً عازف الكمان والقائد السابق لفرقة الإذاعة التونسية البشير السالمي الذي عزف «وحياتي عندك». وكانت تحية لروح الفنانة التونسية المغدورة ذكرى محمد، ومعزوفة «جرجيس» لرضا القلعي. كما تمّ تكريم الملحن محمد رضا الذي يملك رصيداً كبيراً في أرشيف الأغنية التونسية يصل إلى 500 عمل.
ليلة الجمعة كانت من تنفيذ «فرقة الوطن العربي» التي تضمّ أمهر العازفين، معظمهم من أساتذة المعهد العالي للموسيقى بتونس. كانت أشبه برحلة إلى الزمن الذهبي للأغنية التونسية عندما كانت الإذاعة التونسية النافذة الوحيدة على الموسيقى وكانت فرقتها الموسيقية تضم أجمل الأصوات.
على خطٍ موازٍ، أثبت تفاعل الجمهور أنّ الأغنية التونسية حافظت على حضورها في الذاكرة المحلية، رغم أنّ الإذاعات والفضائيات لا تبّثها إلّا نادراً قياساً بأغاني نجوم الشرق العربي.
سهرة أنعشت ذاكرة جمهور «قرطاج»، وأحيت ذكرى نجوم غادرونا منذ سنوات، واحتفت بنجمة السبعينيات سلاف آخر من تبقى من الجيل الذهبي للأغنية التونسية.