تستحق النجمة كاريس بشّار مكاشفة نقدية هادئة بعيداً عن صخب شهر رمضان. الممثلة السورية نموذج خاص للغاية، والتعاطي معه يجب أن يكون مدروساً على مستوى الحوار. تتمسّك نجمة «ليالي الصالحية» (أحمد حامد وبسّام الملا) بآرائها غالباً وتملك الحجة المقنعة والبرهان الساطع للدفاع عنها. كما تعرف كيف تستفرد بعتبة عالية، لا يمكن لأحد منافسيها معرفة شيفرة البوابة التي تؤدي لها. تلعب من الداخل بأداء تغلّفه بهالة كاريزما تخصّها دوناً عن غيرها. لعلّها تبالغ في البحث عميقاً في روح الشخصية وآلية تفكيرها. أو ربما تذهب إليها بكلّ مقومات حياتها، بقناعة مطلقة بما تريد أن تقدم عليه هذه الشخصية من أفعال وردود فعل. ثم تترك نفسها تتصرف بتلقائية ساحرة لكن بوعي وضبط وانسياب. هذا تحديداً ما فعلته «سراب» في «مسافة أمان» (تأليف إيمان السعيد وإخراج الليث حجو). الأداء الهادئ يحتاج إلى تأمل طويل كونها تبرز بجميع الوسائل التعبيرية الحسية لتلك الشخصية، وتصوير سماتها الداخلية من خلال عينين مدركتين، وفائضتين بالقول حتى في لحظات الصمت المطبق. كاريس بارعة في سحب البساط لصالح دور ثقيل، ولو كانت تطلّ في أعمال ثانية، سقف تطلّعاتها ترفيه المشاهد كما حدث معها في «سلاسل دهب» (تأليف سيف حامد وإخراج إيّاد نحّاس). يمكن أن يقال شيء في الأداء ومساحة التباين الواضحة بين الدورين لهذا الموسم، لكن عمل البيئة الشامية كلّه على بعضه يمشي على السطح، كما اعتدنا من دون مفاجآت غير متوقعة. فعلياً لم يبق لها هذا الموسم سوى سراب وثنائياتها المتسلّحة بمعرفة وثقافة ومعاينة عميقة للحالة الدرامية، حتى كانت النتيجة: معافاة شبه تامة من أيّ شوائب، وخطوة إضافية في سجّل حافل بالنجاحات المتراكمة.خلافاً للكثير من زملائها، تقصي «وردة» («غداً نلتقي» لرامي حنّا) أيّ ملامح للمهادنة، خاصة مع الجهات الإنتاجية، إذا تعاطت معها بعدم مهنية أو بقلة احترافية من شأنها التقليل من قيمة المبدع. طبعاً من المؤسف أن تنشغل «نقابة الفنانين السوريين» في جباية الرسوم وفصل نجومها المكرّسين، بحجة عدم سدادهم للمستحقات المالية، وألا تقحم نفسها ولو على مستوى السؤال بالاستبعاد الذي حصل مع كاريس من قبل شركتي الإنتاج «إيبلا» و«صبّاح إخوان» عن بطولة «دقيقة صمت» (سامر رضوان وشوقي الماجري). ورغم أن غالبية زملائها ربّما يفضّلون السكوت كي لا يخسروا حيتان المال، لكنّها لم تمرر القصة، إلا بعد نشرها بياناً توضيحياً على حساباتها الافتراضية.