خلافاً لما يعتقده بعضهم بأنّ الممثل بارع في بناء الوهم، وإجادة الكذب، شقّ الممثل السوري الشاب أنس طيارة خطواته الأولى نحو عالم الفن بمنتهى الصدق المبالغ فيه. وقف أمام لجنة القبول في «المعهد العالي للفنون المسرحية» وأجاب من دون أن يرف له جفن بأنّه لم يحضر سوى بعض المسرحيات التجارية، ولم يقرأ إلا بضع روايات خارج المناهج المدرسية، فصنعت صراحته فارقاً حجز له مقعداً في المؤسسة الأكاديمية البارزة وراح منها يتعرّف نظرياً وعملياً على عوالمه المقبلة. بعد التخرّج، قرر الشغل بصمت. هكذا، حظي بفرص مهمة مع ألمع صنّاع الدراما، لكن لأسباب عدة ربما كان الحظ العاثر رفيق تلك الأعمال نذكر منها: «العراب» (المثنى صبح)، «نبتدي منين الحكاية» (سيف الدين السبيعي)، «الواق واق» (الليث حجو). هذا العام، اختاره المخرج عامر فهد بعد أوّل جلسة بينهما ليلعب دور بطولة في مسلسله «عندما تشيخ الذئاب» (عن رواية بالاسم ذاته لجمال ناجي ــ سيناريو وحوار حازم سليمان). لم يخفه أنّه سيشارك في العمل إلى جانب ثلاثي مهيب مؤلف من سّلوم حداد وعابد فهد وسمر سامي، بقدر ما أقلقته فكرة أنّ شخصيته حامل رئيس للمسلسل، وفشله في تجسيدها ربما يتسبب في سقوط المشروع. «لم أنم في الليلة التي سبقت اليوم الأوّل من التصوير بسبب هذه الفكرة». يقول في حديثه مع «الأخبار» في موقع تصوير المسلسل الذي زرناه. ويضيف عن شخصيته: «أجسّد دور المحامي «عزمي وجيه»، وهي شخصية تختصر قصّة صعود شاب كان محاطاً بشخصيات شيوعية وأخرى تنتمي إلى الإخوان المسلمين. يبدأ حياته المهنية باكتشاف لتلك الشخوص المحيطة به والفساد الذي يسيّج حياتها». يشرح طيارة ويستطرد بالقول: «في النهاية يكتشف حجم النفاق الاجتماعي عند العديد من تلك النماذج، فيقرّر أن يضرب الجهتين ببعضهما، ثم يكوّن رصيده الشعبي من محبة الناس له، قبل أن يتجه نحو قيادة مشروع معيّن معتمداً على قوته المالية بعدما تركت له والده إرثا مادياً كبيراً يصل لحوالي 40 مليون دولار أميركي... علاقته بأمّه (الجليلة ــ سمر سامي) جذابة وخاصة جداً، ربما تنطلق من عقدة أوديب بمكان معيّن. يقدّس هذا الشاب والدته ويرتبط بها عاطفياً إلى درجة كبيرة. هي الوحيدة التي تكسر خاطره برحيلها وتجبره على البكاء رغم أنّ هكذا شخصيات لا يمكن أن تنكسر بسهولة». لكن كيف للممثل أن يجتهد في سويته الأدائية ليخلق حالة جذب مضافة إلى جانب بقية العناصر الفنية والبصرية؟ يجيب: «مثل هذه الشخصيات تحتاج إلى سمة بارزة. فعلياً بعد حالة بحث في نماذج حياتية وأخرى موجودة في الذاكرة، كانت النتيجة أنّ المحامي الذكي والقيادي يمتازان بقاسم مشترك هو الثبات المطلق والثقة الزائدة، الأمر الذي أجرّب تجسيده أثناء أداء الشخصية».