من دون أدنى شك، يمكن القول بثقة إن النزوح السوري إلى لبنان كان سبباً رئيساً في نقل الدراما اللبنانية، وتكريس بعض نجومها عربياً، وإخضاع عدد كبير من العاملين فيها إلى ما يشبه الدورة التدريبية، بسبب الأعمال المشتركة التي أطلقت شهرة بعض الممثلين اللبنانيين وفتحت شهيّة المحطات العربية على أعمالهم، حتى ولو كانت خالية من نجوم الشام! وفقا لهذا الرأي، ربّما ستكون هناك فرصة أمام شركة «إيغل فيلمز» (جمال سنّان) لإنجاز أوّل عمل لبناني يعتمد على صيغة استقصائية توغل في الواقعية، وتكشف عن تفصيل حسّاس يعايشه المجتمع المحلّي، بعد شرائها ورق السيناريست السورية بثينة عوض الذي يطرح قضيّة الأمهات العازبات للمرّة الأولى في الدراما العربية. المسلسل سيحمل عنوان «دربي»، وهو اسم عُرفت فيه بيروت لدى السريان، بحسب ما يقول الكاهن والأديب الراحل لويس شيخو (1859 ــ 1927).
في حديثها مع «الأخبار»، تكشف عوض ملامح عملها الجديد الذي يتوقّع بدء تصويره قريباً، من دون أن تستقر الجهة المنتجة حتى الآن على اسم مخرج له. «تشتبك الحكاية مع قضية حساسة في المجتمع اللبناني ترتبط بشكل وثيق بما تعانيه الأمهات العازبات! الفكرة أخذتني نحو جنسية المسلسل، على اعتبار أنّ لبنان يضم عدداً من الجمعيات الخاصة المعنيّة برعاية الأم العازبة. هكذا، تمكنت من قضاء أيّام في إحدى هذه الجمعيات في البحث عن تفاصيل وأسرار تلك القضايا الجدلية. ومن هنا، كانت انطلاقة الحكاية الدرامية التي تشعّبت لتشمل تفاصيل أخرى تمثّل المجتمع اللبناني، وتعكس صورته بصيغة مصنّعة حكائياً، وبأسلوب لا ينقصه التشويق والشفافية بطريقة غير مسبوقة. وهو ما سيشكّل عنصر جذب إضافي للورق عند إعادة كتابته بلغة الصورة»، تقول.
لكن ماذا عن الزمن الفعلي للقصة؟ تجيب عوض بأنّه «تمّ الارتكاز في بعض مفاصل الحكاية على ماضي بعض الشخصيات، والانطلاق منه نحو اكتشاف مفاتيح تخصّ أسرار هذه الشخصيات في الزمن الحاضر، إضافة إلى ربط حالة الأم العازبة بقضايا الإتجار بالأطفال».
على مستوى آخر، توضح كاتبة «نساء من هذا الزمن» (إخراج أحمد إبراهيم أحمد) أنّ عملها التلفزوني لا يخرج عن سياق مشروعها لإنجاز دراما استقصائية، كونها كانت هنا «بمثابة عامل مُساعد في توجيه البحث بما يخدم المُقترح الذي تحمّست له «إيغل فيلمز». وبناءً عليه، تعاقدت معي الشركة، وتبنّت كامل الحلقات التي ارتكزت بشكل أساسي على الإقفال على حدث مشوّق غامض، يترك تساؤلاً عند المتلقي، يعطيه الحافز لينتظر الحلقة التالية...». وتضيف عوض: «عموماً، استندت حلقات الحكاية على جرعة عالية من التشويق بعيدة عن المجانية. لقد وظّف هذا العامل لخلق خطوط تماس بين الشخصيات، وهو ما يعزّز السياق المنطقي للحكاية».
وعمّا إذا كانت تلك هي فقط المحاور التي ستبنى عليها الأحداث، أم أنّها ستطعّم بمفاصل حياتية وثرثرة ممتعة، تفصح عوض بأنّ المسلسل «سيحوي جرعات من الحب والفكاهة... تقصّدت اعتماد هذه التوليفة للتخفيف من الإرهاق الذي قد يصيب المشاهد».