لن يصدم أحد لو قلنا بأنّ الدراما السوريّة اليوم انهارت تماماً. تلك الدراما التي بنت متخيّلاتها انطلاقاً من قضايا مجتمعاتها الصغرى، وأوغلت في محلّيتها حتى تسيّدت المشهد العربي. لكن المدهش في الموضوع أن ينبري نجومها إلى الاستعراض المجاني والحديث الساذج عن «الفانزات» مثلاً أو أن يشتبك اثنان من كتّابها وهما رافي وهبي وخالد خليفة على الملأ حول حقوق ملكية مسلسلهما «العرّاب-نادي الشرّق» (رافي وهبي وحاتم علي) و «العرّاب - تحت الحزام» (خالد خليفة وأحمد قصّار وحاتم علي). فقد كتب خليفة تعليقاً وجدانياً يحلم فيه «بسورية الديمقراطية القادمة التي لا بد أنها ستنجز نقابات تحمي الكتّاب وتدافع عنهم». فهرع كاتب «حلاوة الروح» (شوقي الماجري) ليشارك مقال زميله على صفحته الشخصية على الفايسبوك ويكتب عليه «عليك أن تخجل قبل ذلك وتعتذر عن اعتدائك على حقوق زملائك. كنت على وشك أن أنشر المراسلات التي دارت بيننا عندما حاولت إقناعك بعدم الاعتداء على حقوقي ككاتب لمسلسل «العراب- نادي الشرق»، لكنني فضلت أن أترك لك ذلك».
على جناح السرعة، أتى الرد من خليفة الذي ذكّره أن «حقوق المسلسل للكاتب العالمي (الاميركي) ماريو بوزو وبأن لا حقوق لسارق». ويوضح حقيقة تعاقده مع شركة «كلاكيت» المنتجة للمسلسل على أن يكون إسمه كاتب سيناريو ولا علاقة له بالفكرة، لكنّ الشركة مع المخرج أخلّتا بالإتفاق في شارة المسلسل كما ظهرت. ثم هوى الحوار بعد ذلك نحو سلسلة متلاحقة من الاتهامات الصريحة، أتبع بمقال طويل كتبه وهبي حكى فيه عن محاولاته البحثية لصناعة معادل سوري يعالج عوالم المافيا لقصّة «العرّاب». وهو ما جددّ الاشتباك، من دون أن يتمكّن نجم المسلسل باسم ياخور من تهدئة النفوس رغم أنه أشار في تعليقه إلى أن «الدراما السورية لم يتبق منها سوى هيكل عظمي» وأن ما يقوما به هو عبارة عن «فضائح علنيّة بشعة لا ترقى إلى مستوى ما أنجزاه تاريخياً».
بدأ رافي وهبي الهجوم، متهماً خالد خليفة بسرقة مسلسل «العراب»
الغريب بأنّ شركة «كلاكيت» لم تتدخل في هذا العراك، رغم أنها صاحبة المسؤولية الأولى في التطاول العلني والصريح على «ستاندر» روائي وسينمائي عالمي، من دون ملكية للحقوق. وربما يجدر قذف سؤال واضح في وجه رافي وهبي تحديداً حول ملكية الفكرة الحقيقية. وإن كان قد أخذ الإذن من ماريو بوزو أو فرانسيس فورد كوبولا قبل أن يقدم على هذه الخطوة، ويعتبرها ملكاً له ويسجّل براءة اختراع يطالب زملاءه بالابتعاد عنه. للأمانة فإنّ كاتب «سنعود بعد قليل» (عن فيلم إيطالي إخراج الليث حجو) يلمّح إلى مصدره عند الحديث عن الإفادات العالمية، لذلك فإنه يوضع على رف عال إذا ما قورن مثلاً مع زميله إياد أبو الشامات الذي عرّب مسلسلاً أرجنتينياً ووضع إسمه كمؤلف على عمل سمّاه «تانغو» (إخراج رامي حنا). وأبو الشامات أيضاً يصبح من أصحاب الجهود التي تستحق التنويه في حال كانت مقارنته مع شركة «الصبّاح» ومخرجها سامر البرقاوي وفريق إعداده الذين «عفّشوا» مقتنيات السينما العالمية من دون الإشارة الواضحة أو الإذن الصريح، بحجة أن هذا إسمه «فنّ الإقتباس». بمعنى أنه لم يعد هناك درك ما وصلت إليه الدراما السورية لدرجة عطالة صنّاعها وخواء كتّاب عن خلق نصّ محلي خالص.