يقيم أحمد (اسم مستعار، مواليد عام 1960)، المطلوب للحضور أمام محكمة الجزاء في صور في شكوى مرفوعة ضده من قبل إحدى شركات التأمين بتهمة تحرير شيك من دون رصيد، في منزله الواقع في ضواحي مدينة صور، أي على بعد كيلومترات عدة من مبنى المحكمة. حدّد القاضي المنفرد الجزائي بلال بدر موعدين لجلسات محاكمة علنية له، لكنه لم يحضر، علماً بأن أحمد موقوف غيابياً، أيضاً، بموجب مذكرة توقيف صادرة عن قاضي التحقيق في الجنوب في 12 كانون الثاني من عام 2010، رغم أنه معلوم مكان الإقامة!بعد إحالة القضية على محكمة صور الجزائية، لم يحضر أحمد جلسة المحاكمة العلنية الأولى التي حدّدها بدر في الثالث من شباط الفائت، لكن حضر ابنه بدلاً منه «معتذراً عن عدم حضور والده، والذي صرّح بأنه موجود في المنزل» بحسب تقرير المحكمة، ما يعني أن ورقة التبليغ قد تسلمها من عناصر فصيلة صور الذين لم يقبضوا عليه بموجب مذكرة التوقيف الغيابية الصادرة في حقه.
إزاء ذلك، استعاضت المحكمة بإبلاغ المدّعى عليه بوجوب الحضور إلى الجلسة الثانية بواسطة رجال الضابطة العدلية، وكلفت أحد مباشري المحكمة بالمهمة. وقد تمكّن الأخير من إبلاغه مباشرة بوجوب الحضور في التاسع من أيار الماضي، إلا أنه تخلّف عن الحضور أيضاً، فحوكم غيابياً بسبب إقدامه على تحرير شيك من دون رصيد، وهو ما تعتبره المادة 666 من قانون العقوبات جنحة. وبناءً عليه، ألزم بدفع قيمة الشيكين سنداً للفقرة الرابعة من المادة المذكورة، وبدفع الفائدة القانونية المترتبة على قيمتهما من تاريخ العرض حتى تاريخ التسديد الفعلي، سنداً للمادة 438 من قانون التجارة.
إلا أن الحكم الصادر لم ينفّذ بسبب تقاعس رجال الضابطة العدلية عن تنفيذ مذكرة التوقيف، علماً بأن أحمد مقيم في منزله المبين عنوانه في متن الشكوى، وهو ما أكده ابنه الذي حضر مكانه في جلسة المحاكمة الأولى، ومباشر المحكمة الذي قابله لدى إبلاغه حضور الجلسة الثانية. لذا، قررت المحكمة حبس أحمد خمسة أشهر، وتغريمه مليون ليرة لبنانية، على أن يحبس يوماً واحداً مقابل كل عشرة آلاف ليرة لبنانية من الغرامة إذا تخلف عن دفعها، سنداً للمادة 54 من قانون العقوبات. كذلك ألزمته بدفع قيمة الشيكين للجهة المدّعية، وقررت إحالة صورة عن الحكم والملف على النيابة العامة الاستئنافية في الجنوب للاطلاع وإجراء ما تراه مناسباً.
تجدر الإشارة إلى أن محاكم صور ومحكمة جويا التابعة لها، تشهد أزمة مزمنة في التبليغات لأسباب مختلفة. فالمدّعى عليهم لا يُبلّغون، إما بسبب قلة عديد رجال الضابطة العدلية الذين لا يستوعبون كافة أوراق التبليغ الصادرة عن المحاكم المسؤولة عن أكثر من 300 ألف مواطن مقيم في قضاء صور، وإما بسبب إهمال وتقاعس يمارسهما رجال الضابطة، كما تلفت بعض المصادر القضائية. وفي النتيجة، يتأخر بتّ مئات القضايا بسبب عدم تبلّغ أحد أطرافها، ما يؤدي حكماً إلى تأجيل جلسات المحاكمة لمرات عدة وتمديد فترة احتجاز الموقوفين.