مثّلت ولادة بلدية قرصيتا في الضنية عام 2004، حدثاً مهمّاً في البلدة. فهي، من جهة، مهّدت الطريق أمام أبنائها لخوض أوّل استحقاق انتخابي محلي في تاريخها. ومن جهة ثانية، أعطت أملاً للأهالي بقرب إطلاق ورشة مشاريع تنموية فيها. اليوم، بعد مرور استحقاقين انتخابيين لا تزال البلدة تواجه المشاكل نفسها، ولا سيما على صعيد تأهيل البنية التحتية، في ظلّ المشاكل البيروقراطية ذاتها.قرصيتا، التي تعدّ السابعة من حيث تعداد السكان والناخبين (2477 ناخباً حسب لوائح شطب الانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة عام 2010) في الضنية من بين 38 بلدة و27 بلدية موجودة في المنطقة، والثانية في هذا الترتيب بين بلدات جرد الضنية وبلدياته، وجدت نفسها مطالَبة، من جانب أقرانها، بتسريع وتيرة العمل التنموي والبلدي فيها، رغم ضعف الإمكانات المالية المتوافرة، والإجراءات الروتينية التي تحتاج إلى جهود استثنائية لتجاوزها وإزالة عقباتها.
المجلس البلدي السابق (2004 ـــــ 2010) الذي ترأسّه أحمد قدور، جهد لإرساء معالم العمل البلدي، من خلال تنفيذ ما أمكن من مشاريع البنى التحتية التي تحتاج إليها البلدة على نحو ضروري، وأبرزها تأهيل وتوسيع شبكة لمياه الصرف الصحي، وتأهيل الطرقات الداخلية في البلدة، فضلاً عن السعي إلى استحداث طرقات جديدة، لكن البلدة لا تزال «تحتاج إلى الكثير من المشاريع للنهوض ببلدتنا»، كما يقول الرئيس الحالي للبلدية محمد علوش، موضحاً لـ«الأخبار» أن «أعضاء المجلس البلدي الـ15 يشرفون بأنفسهم على المشاريع التي تنفَّذ في البلدة، وهذا أمر يُوفّر علينا نحو 25 % من تكلفة هذه المشاريع». ما تعانيه قرصيتا من مشكلات إنمائية ليس بالقليل، إلا أن علوش يلفت إلى المشكلتين الأبرز: «الأولى أن الطريق الرئيسية للبلدة وطرقاتها الداخلية تحتاج جميعها إلى تأهيل وتوسيع على نحو عاجل، ذلك أنه فضلاً عن ضيقها وعدم قدرتها على استيعاب حركة عبور السيارات فيها بطريقة مريحة، تعاني اكتظاظاً سكانياً هو الأكبر بين بلدات المنطقة، نتيجة تركّز النشاط العمراني في وسط البلدة وعدم امتداده إلى خارجه، رغم أن مشاعات البلدة واسعة وكبيرة، إلا أن عدم وجود طرقات مؤهلة تربط السكان بهذه المشاعات، لأن معظم هذه الطرقات زراعية وتحتاج إلى تأهيل، جعلنا نضع في رأس سلم أولوياتنا تأهيل الطرقات الزراعية الحالية، فضلاً عن استحداث طرقات جديدة في أسرع وقت ممكن».
أما المشكلة الثانية البارزة التي تعانيها قرصيتا، فهي متعلقة بمشروع مياه الشفة، التي تحتاج حسب علوش إلى «معالجة استثنائية لها»، لافتاً في هذا المجال إلى أن «شبكة مياه الشفة التي نفذّت في البلدة منذ نحو 10 سنوات دُفنت في الأرض ولا تزال بلا عمل حتى الآن، وهي تحتاج اليوم إلى ربطها بخزّانات المياه الرئيسية من أجل استعمالها، الأمر الذي جعل البلدة تعاني أزمة وفوضى في هذا المجال، ودفع معظم الأهالي إلى استخدام أعمدة الكهرباء كي يمدّوا عليها قساطل مياه الشفة، التي باتت مكشوفة ومعرّضة للضرر والأعطال على نحو مستمر».
هذا الوضع الصعب في قرصيتا، دفع علوش إلى إعلان الشكوى من الوزارات المعنية التي «لا تتجاوب مع مطالبنا الملحة لجهة تسهيلها تنفيذ المشاريع في بلدتنا»، معبّراً في هذا الإطار عن انطباع موجود لدى أهالي قرصيتا مفاده أن بلدتهم «كأنها غير موجودة على لائحة اهتمام الدولة، أو ضمن خريطة برامجها».
قرصيتا تعدّ بلدة زراعية بامتياز، يوضح علوش أن «نحو 90 % من سكانها يعملون في مجال الزراعة، وخصوصاً الإجاص، الذي جعل البلدة أكبر منتج له في لبنان، لذلك نحرص على تنفيذ مشاريع تساعد الأهالي على الصمود فيها وعدم النزوح باتجاه المدن، إذ يسجَّل نزوح نحو 25 % من سكانها شتاءً»، لكن هذا الأمر يحتاج وفق علوش «إلى تأمين مقومات، مثل تصريف الإنتاج وتوعية المزارعين، وهو ما تأمّن أخيراً من خلال افتتاح مكتب للإرشاد الزراعي في بلدة بخعون، ما أعطى انطباعاً مبدئياً لدينا بأنّ هناك من يهتم بنا».