ربما ليس هناك مؤسسة رسمية في لبنان إلا لها سماسرة توظيف. يدّعي هؤلاء أمام «زبائنهم» القدرة على توظيفهم من خلال «واسطة» ثمنها مبالغ مالية، أو محفزات أخرى. بعضهم يصدق في ما يدّعي، فيما يكذب بعضهم الآخر، حيث يأخذون المال من «المضحوك عليهم» ثم يتبخّرون. في هذا الإطار، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بياناً، أمس، أوضحت فيه أن عدداً من الأشخاص «يستغلون حاجة المواطنين لتطويع أبنائهم في قوى الأمن، فيعدونهم بالتوسط لهم لقاء مبالغ معينة أو منافع خاصة». إيضاح هذا الأمر من جانب قوى الأمن، يأتي بعدما حُدد موعد خلال الشهر الجاري لإجراء مباراة خطية للتطوّع. ومما جاء في بيان قوى الأمن، أنه أمام هذا الواقع، فإن المديرية العامة قد «أحالت إلى القضاء المختص عدداً من السماسرة والمرشحين، وشطبت أسماء هؤلاء المرشحين من جداول الاختبارات الخطية»، محذرة من الانجرار وراء السماسرة، لأن «الكفاءة هي السبيل والمعيار الوحيد للقبول في قوى الأمن الداخلي». وختمت المديرية بيانها بالإشارة إلى انها «لن تتوانى عن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق كل من يثبت تورطه بهذه الأعمال، التي تسيء إلى قوى الأمن وتشوّه صورتها وتعرّض صدقية إجراءاتها للشك أمام الرأي العام».
مسؤول أمني متابع لهذه القضية، لفت إلى أن الموضوع «لا علاقة مباشرة له بالسياسة، أو ما يُعرف بالواسطة السياسية، حيث إن أشخاصاً عاديين يدّعون بأن لهم القدرة على التوظيف، ينشطون خاصة في مناطق الأطراف والقرى ويستغلون بساطة بعض الناس وحاجاتهم». وأضاف المسؤول في حديث مع «الأخبار» إن هذه الظاهرة «ليست جديدة، إذ إنها تحصل غالباً في كل مرّة يُفتح فيها باب التطوّع»، مشيراً إلى أن دوريات الاستقصاء والمعلومات «ما زالت تبحث وتطارد عدداً من السماسرة، غير الذين أوقفوا، بغية وضع حد لهم وكشف زيف ما يدّعون». وأوضح المسؤول أن بعض هؤلاء «قد جمعوا ثروات من المال نتيجة عمليات النصب. بعضهم يضحكون على نحو 100 مواطن مثلاً، فيحصل أن ينجح نحو 40 منهم نتيجة كفاءتهم عملياً، فيأخذ هو دور البطل، أما الراسبون فيتهرّب منهم ويحمّلهم مسؤولية فشلهم».
م. ن.