قوى الأمن الداخلي تنجح في العثور على بعض السارقين والنشالين ومرتكبي الجرائم الجنائية وتلقي القبض عليهم، لكنها لم تتمكن حتى لحظة كتابة هذا النصّ من العثور على مواطن مريض مفقود في بيروت
أمل اسماعيل
خرج المواطن عيسى تهمي (70 عاماً)، المعروف بأبو أحمد، من منزله في رأس النبع صباح يوم 12 آب الماضي ليتمشى في أرجاء الحيّ كالمعتاد ولم يعد، شُغل بال ذويه، فأبو أحمد يعاني مرض فقدان الذاكرة «الألزهايمر» كما أنه مصاب بمرض السكّري.
راح أيمن وشقيقه البكر أحمد الذي حضر خصيصاً من ألمانيا بعد معرفته بفقدان والده يبحثان عنه في الطرقات وقاما بمساعدة أصدقائهما بنشر صوَره مع رقم الهاتف في مختلف أنحاء العاصمة. وبموازاة ذلك أُبلغ مخفر حبيش في رأس بيروت خطياً بالموضوع، مرّت الايام ولم يعثر على عيسى. زاد التوتر لدى ذويه فاستنجد أيمن برئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي الرائد جوزف مسلم الذي وعده بتعميم صورة المفقود على جميع دوريات الشرطة في بيروت. مرّ أسبوع ولم يعثر على الرجل المسنّ المريض، سأل أيمن بعض دوريات الشرطة في بيروت عن الأمر فأتت الإجابة «ما معنا خبر، وما وصلنا شي عن هيدا الموضوع».
أيمن يعمل مترجماً لغوياً لضباط أميركيين يقومون بمهمات تدريب رتباء وضباط قوى الأمن في معهد الشرطة. فطلب منهم مساعدته على التفتيش عن والده. وهو يعلّق على ذلك بالقول «الضباط الأميركان ساعدوني أكثر من قوى الأمن»،
لكن الرائد مسلم أكد في اتصال مع «الأخبار» أنّ «المديرية العامة لقوى الأمن اتّبعت الإجراءات اللازمة بهذا الموضوع، وبلّغت جميع دوريات الشرطة بالأمر، ولم يردها بعد أي معلومة عن الرجل المفقود» وأضاف: «أعطينا أيضاً المستشفيات علماً بالموضوع إذا وجد عندهم».
في المقابل قال أيمن إنه علم من موظفي مستشفى المقاصد أن أبو أحمد نقل إليه بواسطة الدفاع المدني بعد خمسة أيام من اختفائه لكنه غادره بعدما قال لإحدى الممرضات إنه لا يشكو من شيء. وبعد يومين ورد اتصال يفيد أن أبو أحمد شوهد بالقرب من مستشفى «الرسول الأعظم» في مغسل للسيارات، وقال أحد العاملين فيه إن الرجل المسنّ كان يطلب الطعام فزوّدوه بقطعة «كرواسان». تمكنت العائلة من التأكد من صحّة ذلك بعدما تحدث العاملون في المغسل عن صعوبة ابتلاع أبو أحمد للطعام لأنه فقد أسنانه.
قال أيمن الذي لا يخفي غضبه من غياب الاهتمام الجدي للدولة بقضية والده المفقود إنه جال على عناصر الشرطة في المدينة ليوزّع عليهم صورة شمسية لوالده. وبعد مرور عشرة أيام على اختفائه قال عناصر الحرس المولجون حماية السرايا الحكومية إن عيسى «بقي لمدة يومين نائماً في الحديقة قرب السرايا»، ولم يكلّف أي من هذه العناصر نفسه الاقتراب منه «خوفاً من إزعاجه لكونه رجلاً كبيراً في السن».
رافق عجز القوى الأمنية امتناع معظم الوسائل الإعلامية المرئية عن عرض هذة القضية في التقارير الإخبارية لكونها تتطلب إذناً قضائيّاً. ويقول أيمن إنه حصل أخيراً «بصعوبة» على الإذن على أن تكون تكلفة نشر صورة والده «على عاتق صاحب العلاقة».
مرّ شهر على اختفاء رب المنزل، فقدت عائلة أبو أحمد الثقة بقوى الأمن لكنها لم تفقد الأمل من سعي ابنها الذي لا يزال مصراً على إيجاد أبيه.
تساءل ذوو المواطن المفقود عن وظيفة القوى الأمنية: «شغلتن الكزدرة بالسيارات التي زودهم بها الأميركيون أم الاهتمام بخدمة المواطنين عند الحاجة؟».