عائلة زعيتر التي تركت بلدتها أفقا، متوجهةً إلى النبطية للمشاركة في مهرجان ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، لم تكمل الطريق، بل عادت أدراجها بعد فقدان أحد أبنائها. ضحية أخرى لقاتل اللبنانيين الأول
الضبية ــ داني حداد
وقع حادث سير مروّع قبل ظهر أمس على المسلك الغربي لأوتوستراد الضبية باتجاه بيروت، إذ ارتطمت سيارة نوع «شيفروليه بلايزر»، لونها شمباني، ويقودها ج.ف من مواليد 1981، وهي مسجّلة باسم شقيقه غ.ف ومرهونة لأحد المصارف، بمركبة من نوع «فان» تقلّ مواطنين من بلدة أفقا، ما أدى إلى وفاة أحد الركاب، زين زعيتر، وإصابة أشقائه: محمد، زهر، عباس، علي وهلال بجروحٍ غير خطرة. وقد فرّ سائق سيارة «الشيفروليه» إلى جهة مجهولة، خوفاً من ردّة فعل ركاب «الفان» الذين أقفلوا الأوتوستراد لدقائق احتجاجاً، وخصوصاً أن بعضهم اعتبر الحادث مفتعلاً على خلفية حمل بعض الركاب أعلاماً حزبية، قبل أن تعمد القوى الأمنية والجيش إلى فتح الطريق والحؤول دون وقوع ردّات فعل إضافية، بعد حدوث زحمة سير خانقة على الأوتوستراد.
وعلمت «الأخبار» من مصدر أمني أنه لا مؤشّر لوجود خلفيات لهذا الحادث، الذي يندرج في إطار حوادث السير التي تشهدها الطرقات العامة يومياً في لبنان، وغالباً ما توقع ضحايا بسبب عدم الالتزام بالحد الأقصى المسموح للسرعة من جهة وبعدم التزام ركاب الآليات وضع أحزمة الأمان. ورأى المصدر أن الحادث اتّخذ منحى مختلفاً بسبب الانتماء السياسي والطائفي لركاب «الفان»، الأمر الذي أعطى تفسيرات عدة وخصوصاً أن سائق السيارة الصادمة فرّ ولم يسلّم نفسه على الفور.
وتوقّع المصدر الأمني ألا تطول عملية البحث عن السائق الفار بسبب توفّر معلومات مفصّلة عنه، مرجحاً أن يعمد إلى تسليم نفسه في غضون ساعات وذلك تجنّباً لفتح الطريق أمام عملية ثأر.
ويفتح هذا الحادث المؤلم الباب مجدداً على مسألة معالجة مشكلة السير في لبنان، التي يذهب ضحيّتها قتلى من مختلف الأعمار والانتماءات السياسية والطائفية، والتي ينظر إليها أهل السياسة في لبنان بعين الإهمال لأنّها لا تصلح للتسويق في البازار الانتخابي. وإذا كان الحديث عن القيادة السريعة وغير المسؤولة ليس جديداً، ولم تنفع معه حملات التوعية الرسمية والخاصة بدليل ازدياد عدد ضحايا حوادث السير في السنوات الأخيرة، فإن من الضروري العمل أيضاً على تنظيم سير «فانات» النقل العام التي تفتقد بمعظمها إلى شروط الأمان وتنقل أعداداً إضافية من الركاب بهدف الربح.
ولعل ما يزيد من أهمية معالجة هذه القضية المزمنة هو أن حادث سير في بلدٍ هشّ مثل لبنان قادر على التهديد بحصول فتنة. وما حصل أمس في الضبيه أصدق دليل.

إهمال مزدوج

لفت مسؤول إحدى مفارز السير في قوى الأمن الداخلي إلى أن شرطة السير لا تفرض على ركاب «الفانات» و«الباصات» استخدام أحزمة الأمان، أسوةً بالسيارات السياحية، الأمر الذي يعرّض ركاب هذه المركبات الى أخطار كبيرة قد تنتج من حوادث السير، وخصوصاً بسبب التصاق بعض مقاعد هذه المركبات ببعض واحتوائها أحياناً على مواد معدنية، ما قد يؤدي إلى حالات وفاة عند الارتطام بها. كما تتساهل شرطة السير مع سائقي «الفانات» الذين ينقلون الركاب وقوفاً بسبب امتلاء المقاعد المخصصة لهم، ما يضاعف من نسبة الخطورة عند وقوع الحوادث، وهذا يعني أن الإهمال مزدوج وتقع مسؤوليته على عاتق القوى الأمنية بقدر ما تقع على سائقي وركاب «الفانات».