غابت عن جدول أعمال قمة وزراء الداخلية العرب واحدة من أكثر القضايا التي تهمّ المواطن العربي: أزمة السير. وأسهمت التدابير الأمنية أمس، لمواكب من يفترض بهم حل الأزمات، في إغراق بيروت وساحل المتن وكسروان في زحمة السير
محمد نزال
على وقع طبول الدورة السادسة والعشرين لمجلس وزراء الداخلية العرب، غرقت العاصمة المضيفة وضواحيها في أزمة سير خانقة أمس. تركّزت زحمة السيارات والآليات عند تقاطع الطيونة وعلى الأوتوستراد الساحلي ومنطقة الحازمية ـــ بعبدا وفي منطقة رأس بيروت والحمرا، وصولاً إلى الأشرفية.
لا شك أن الإجراءات الأمنية اللازمة لحماية وزراء الداخلية العرب ضرورية، لكنها لا تعني المواطنين الذين أمضوا أمس ساعات مسجونين في سياراتهم. وشهدت الطرقات نقمة آلاف العائلات على المسؤولين عن تنظيم السير. «كلّ ما نريده هو الوصول إلى عملنا.. لكن يبدو أن ذلك كثير على الدولة!» يصرخ رجل خمسيني وهو يخرج رأسه من نافذة السيارة غاضباً.
مواطن آخر غادر سيارة الأجرة لأن «التنقل على الأقدام أسرع». أتمّ المعاملة التي جاء بصددها إلى منطقة الطيونة. وقف ليستقل سيارة أجرة إلى عمله، فذُهل عندما رأى السيارة نفسها التي غادرها قبل نحو ساعة من الزمن متوقفة على بعد أقل من 200 متر عن المكان الذي كان قد غادرها فيه. غصّة ميّزت صوت أحد الركاب الذي ضاع نهاره على الطرقات: «ضباط الأمن يجلسون الآن في الفنادق الفخمة، بينما المواطن يكفر على الطرقات بكل الإجراءات ومشاريع الأشغال، التي لم يكن يوماً ضدها، لكنه أصبح كذلك يوم أصبحت عائقاً أمام متابعة حياته، وعندما باتت تشعره بالمهانة».
تقصير رجال شرطة السير ليس بعيداً عن أسباب الأزمة. فيوم أمس، لم يظهر أي شرطي سير على تقاطعات شارع الحمرا وطريق صيدا القديمة، بين كنيسة مار مخايل ومستديرة الطيونة، التي تشهد أعمال حفر ولم يكن يقف عندها سوى شرطي سير واحد، وسط البحر المتلاطم من السيارات، علماً بأن المستديرة المذكورة ملاصقة لمركز سرية السير في بيروت! ولم يكترث المواطنون الذين التقتهم «الأخبار» بالنقص الذي تعانيه قوى الأمن الداخلي، سواء في العديد أو التدريب والتجهيز. لكن السبب المباشر الذي زاد الطين بلة هو الإجراءات التي اتخذتها القوى الأمنية لحماية مواكب وزراء الداخلية العرب، الذين زاروا رئيس الجمهورية ميشال سليمان في قصر بعبدا أمس، فأقفل عدد كبير من الطرق حفاظاً على سلامة «أصحاب المعالي».
رئيس جمعية «YASA» زياد عقل، أكد لـ«الأخبار» أن «أزمة السير في لبنان في تصاعد خطير، ولا ينتظرنّ أحد حل لهذه المشكلة في السنوات المقبلة»، مضيفاً: « نحن مصدومون الآن من أزمة السير المستفحلة، فبعد مرور 3 سنوات من الأزمات الأمنية غاب السياح خلالها، وكذلك تقلصت حركة المواطنين على الطرقات، عادت الحركة إلى طبيعتها، ما يشير إلى أن الأزمة كانت متفاعلة (نار تحت الرماد) بينما المعنيون غائبون عنها».
بدورها، أصدرت وزارة الداخلية أمس بياناً قدمت فيه اعتذاراً إلى المواطنين «الذين تعرّضوا لزحمة السير قبل ظهر اليوم (أمس) الاثنين في أثناء توجّه مواكب وزراء الداخلية العرب من بيروت إلى القصر الجمهوري في بعبدا. وعلى الرغم من أن تدابير السير المزعجة قد استوجبتها ضرورات الحماية، إلا أن الوزارة ترى أن يُصار في المستقبل إلى إعلام المواطنين مسبقاً بأي تدابير استثنائية حتى يتمكنوا من تجنّبها قدر المستطاع، وقد أُعطيت التعليمات إلى قوى الأمن الداخلي بهذا المعنى».