ريتا بولس شهوانتُفاجأ عند دخولك مرحاض الجامعة بنوعية بعض العلب الفارغة المرمية في سلات المهملات. تخضع لفضولك وتتحدى قرفك، فتمدّ يدك نحو السلة، متناولاً إحداها. تقرأ الإرشادات: إحداها لعلاج الـ«HERPES»، وأخرى لعلاج الـ«HPV». بالإضافة إلى الأدوية المخصصة لعلاج تلك الأمراض المنتقلة جنسياً، تتراكم أجهزة فحص الحمل، يحمل بعضها «بشارة» الخط الأزرق.
أما قطع العلكة المتراكمة في السلة، فتدرك أنها قد استبدلت بحبوب دواء أودعت في العلبة التي كانت تحويها، للتمويه. تشعر بأنك في عيادة للأمراض النسائية لا في مرحاض داخل حرم الجامعة، فتدفعك حشريّتك لرصد الداخلين والخارجين، «المتّهمين» المحتملين، وتتظاهر بالإصابة بإسهال حاد لتنجو من التهمة التي قد تشملك أنت أيضاً لوجودك في المكان. أمام لمعان علب الأدوية تحت الضوء، تحتار على من ستلقي اللوم وتفكر بالطالب الذي يتناول هذه الأدوية. تتأمل أحدهم يغسل يديه مراراً وتكراراً بالصابون، تستغرب إفراطه في النظافة كأنّه يحاول إزالة ميكروب أو موادّ سامة علقت على يديه. قد يكون هو؟
أم ذلك الآخر الذي ترى صورته معكوسة في المرآة أمامك، بوجهه الأصفر، وعينيه الغائرتين من التعب اللتين غطّى على بياضهما احمرار قانٍ؟ تهبّ مسرعاً لتخرج من جوّ الشك في المرحاض، تصطدم بصديق لك، فتتحاشى النظر في وجهه. قد يكون هو أيضاً، وأنت حتماً لا تريد إحراجه. لماذا لا يُفرج الطلاب عن علب أدويتهم في حمّامات منازلهم؟
الإجابة بديهية. فهنا، تختلط الهويات ويصعب الانكشاف.