صيدا ــ خالد الغربيما إن يحلّ فصل الصيف في حيّ سينيق، عند المدخل الجنوبي لمدينة صيدا، حتى تنقلب الحياة فيه رأساً على عقب. فخلال هذا الفصل، تتحوّل مياه النهر الذي يحمل اسم الحي، إلى مستنقع للمياه الآسنة، الذي يتحول بدوره إلى بؤرة للتلوث.
وما يزيد الطين بلّة، أنّ التلوث لا يقتصر على المياه الآسنة، فثمّة مصدر آخر له: مياه الصرف الصحي المبتذلة، لعدد من المنازل القريبة في منطقة درب السيم ومخيم عين الحلوة المجاورة، التي تصب فيه أيضاً.
وبسبب هذا التلوث، تعاني عشرات العائلات القاطنة في الحي أمراضاً جلديّة وضيقاً في التنفّس نتيجة الروائح الكريهة التي تنبعث من النهر ـــــ المستنقع. وكأنّ الروائح الكريهة لا تكفي لتخريب حياة هؤلاء، لتضاف إليها كارثة البرغش والقوارض والجرذان التي «استوطنت» في الحي. وليكتمل المشهد، تحوّل المكان إلى مكب للنفايات، حيث يعمد الناس هناك، إلى رمي نفاياتهم من أثاثات منزليّة وإطارات مطاطية وغيرها.
«ملينا المراجعات والانتظار والوعود، أين هم المسؤولون وأين هي الدولة؟». بهذه الكلمات يبدأ عدنان سعيد شكواه. لا يجد هذا الرجل، الذي يقيم مع عائلته في الحي منذ نصف قرن تقريباً، سوى الشكوى من «إهمال المسؤولين وإدارة ظهرهم حيال تلوث النهر وما يسببه من أمراض». يشير سعيد إلى أنّ «الأهالي راجعوا بلدية الغازية، لأن الحي يتبع عقارياً لها، إضافة إلى الزيارات التي قاموا بها لبعض المسؤولين في الوزارات المختصة والمحافظة». لم تسعف كثرة الزيارات الأهالي، والمشكلة تتفاقم من عام إلى عام.
كما يقول سعيد «نحن نريد فقط حلّاً يقينا خطر المياه الآسنة». وقبل أن ينهي كلامه، يعلّق ضاحكاً «يلاقوا حل للمستنقع وبس، أما البرغش فما يعتلوا همّو، لسنا بحاجة لاستخدام مبيدات لمكافحته، فهو يتهاوى مثلما تتهاوى المروحيات الحربية عندما يصطدم بعضه ببعضه الآخر».
تتحسّر أم محمود القبلاوي، جارة النهر «على تلك الأيام التي كنا نستفيق فيها على لحن خرير مياه النهر المنسابة، لكن منذ سنوات باتت معاناتنا لا تتوقف لا صيفاً ولا شتاءً». تقول أم محمود «في الشتاء، ونتيجة عدم تنظيف المجرى دورياً وجيداً، تفيض مياه النهر وتدخل المنازل وتسبب كارثة، أما في الصيف، فيتحول النهر إلى مستنقعات من المياه الآسنة، تأتينا بالبرغش والروائح الكريهة وبالأمراض مثل الحساسية والأمراض الجلدية».