أخيراً، صدر القرار بإعطاء جميع المديرين في الثانويات والمدارس الرسمية تعويض الإدارة والفروق المستحقّة لهم، عملاً بمضمون القانون 73. لكن القرار ــ التسوية حلّ قضية المديرين غير المستفيدين من التعويض الذي أقره القانون 320، فماذا عن المكلَّفين الإدارة بعد صدور القانون 73 والخاضعين لشروطه؟
فاتن الحاج
أنهى قرار وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري، بإعطاء جميع مديري الثانويات والمدارس الرسمية تعويض الإدارة، الجدل الحاصل بشأن استفادة البعض دون الآخر من التعويض (15% من الراتب) الذي أقره القانون 320 بتاريخ 20/4/2001. لكن المشكلة ستبقى قائمة، إذ لن يتقاضى أي مدير جديد تعويض الإدارة، وفق القانون 73 بتاريخ 23/4/ 2009 (تعديل القانون 320)، إلاّ بعد اجتيازه بنجاح دورة إعداد في الإدارة التربوية تنظمها كلية التربية في الجامعة اللبنانية، أو يكون قد تابع دورات تدريبية نظمتها وزارة التربية.
ماذا في تفاصيل الجدل بشأن الاستفادة من التعويض؟
أعطى القانون 320 تعويض الإدارة لمديري المدارس الرسمية الذين يتولون المهمات وفق الأصول التي كانت تقتضي آنذاك أن يكلف وزير التربية مدير الثانوية الرسمية وأن يكلّف المدير العام للتربية مدير المدرسة الرسمية الابتدائية والمتوسطة.
لكن قسماً لا يستهان به من المديرين كانوا قد كُلفوا في ذلك الوقت بأشكال مختلفة، إما شفهياً أو بمذكرة من رئيس المنطقة التربوية أو مدير التعليم الأساسي أو مدير التعليم الثانوي، وبالتالي لم يستفد نحو 50% من المديرين من تعويض الإدارة.
لتسوية الوضع، أصدر وزير التربية آنذاك عبد الرحيم مراد قرارات عدة إفرادية وجماعية بهدف صرف التعويض. لكنّ أيّاً من المديرين لم يستفد من التعويض لصدور القرارات بعد القانون.
أعدّت كلية التربية برنامجاً تدريبياً للمديرين والمطلوب توفير الاعتمادات
وفي عهد وزير التربية السابق خالد قباني، جرت مساعٍ لشمول المديرين غير المستفيدين من القانون 320 بالتعويض، فصدر القانون 777 بتاريخ 11/11/ 2006 الذي يعطي التعويض للمديرين الذين يتولون مهمات الإدارة بحسب المادة الثانية من القانون نفسه التي تنص على الآتي: «يكلَّف المدير بقرار من الوزير بناءً على اقتراح من المدير العام». أي عملياً، القانون لم يعالج المشكلة، لأنّ المديرين غير المستفيدين لم يكلَّفوا بقرار من الوزير. هنا يسأل المديرون: «إذا كان التعويض هو لقاء عمل محدد، والمدير يقوم بهذا العمل، فما هي أهمية جهة التكليف؟».
هكذا، بقي شد الحبال إلى أن صدر القانون 73 الذي يشمل بالتعويض كل الذين يقومون بمهمات الإدارة قبل صدور القانون 777 واستمروا بتأدية مهماتهم بعد بدء العمل به، وذلك اعتباراً من 11/11/2006، وإن كان تكليفهم غير مستوفٍ للأصول المرعية الإجراء قبل 1/7/2001 أي تاريخ بدء العمل بالقانون 320. كذلك يستفيد من التعويض المكلفون أساساً بمهمات الإدارة وفقاً للأصول وكانوا عند البدء بتطبيقه في وضعية غير المستفيدين لأنهم نقلوا إلى مدارس أخرى.
أما أفراد الهيئة التعليمية الذين تولوا مهمات الإدارة بعد 11/11/2006 فيتقاضون التعويض من تاريخ تكليفهم بمهمات الإدارة. وفي هذا الإطار، يسأل المديرون أيضاً: «لماذا سيتقاضون التعويض اعتباراً من صدور القانون 777 وليس اعتباراً من صدور 320 ؟».
لكن، حتى هذا القانون لم يحل مسألة التعويض، لأنّه اشترط خضوع المديرين لدورة إعداد في الإدارة التربوية، وهو ما لم يكن متوافراً لدى المديرين المعنيين. وبقي الوضع على حاله إلى أن قررت وزيرة التربية خلال الأيام القليلة الماضية إعطاء الجميع تعويض الإدارة حتى لو لم يكونوا قد خضعوا للدورة التدريبية. ويشمل القرار أيضاً مديري فروع الثانويات الذين لم يستفيدوا أيضاً من التعويض وفق القانون 320.
ترك هذا القرار ارتياحاً في صفوف المديرين الذين سيتقاضون التعويض ابتداءً من الأول من تشرين الثاني المقبل. أما الفروق فتحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء لنقل الاعتمادات، علماً بأنّ وزارة التربية طلبت الاعتمادات التي تبلغ نحو 8 مليارات ليرة.
فهل سيعفي هذا القرار بإعطاء تعويض الإدارة المديرين من الخضوع لدورة الإعداد في كلية التربية التي اشترطها القانون 73؟ وهل كلية التربية جاهزة لاستقبال المديرين وتنظيم هذه الدورة؟
لا عائق أمام الجهوزية الأكاديمية، يقول عميد كلية التربية الدكتور مازن الخطيب، فالكلية لديها الكوادر التدريبية، وقد أعدت برنامجاً للمديرين المكلفين يمتد لسنة كاملة ويقسم إلى ثلاث مراحل: تعلم تفاعلي، تعلم ذاتي ومشروع تطبيقي.
وسيحضر المديرون يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع إلى دور المعلمين في المحافظات. ويشرح الخطيب أنّ المدير لا يصبح أصيلاً، بحسب القانون 73، إلاّ بعد خضوعه للتدريب. لذا، فالبرنامج سيشمل كل المديرين المكلفين. فهناك إذاً دورتان تدريبيتان: دورة لنحو 550 مديراً يتقاضون التعويض حالياً لتثبيتهم في الإدارة بصفة مديرين أصيلين، ودورة ثانية لنحو 50 مديراً جديداً لإعطائهم التعويض وتعيينهم بالأصالة.
لكن العقبة الأساسية تكمن في رصد الاعتمادات للبرنامج الذي يحتاج إلى قرار في مجلس الوزراء، علماً بأنّ القانون 73 يعطي مهلة سنة واحدة من تاريخ صدوره لتعيين القائمين بمهمات إدارة المدارس الرسمية حالياً والمكلَّفين ذلك قبل 11/11/2006 وبعده مديرين لهذه المدارس. يُذكر أنه مضى على صدور القانون 5 أشهر.