مهى زراقطلم ينجح الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل طويلاً في إخفاء الخلاف القائم بينهما، على صعيد الانتخابات البلدية في إقليم الخروب. وما تردد لوقت طويل همساً، ارتفع في الأيام الأخيرة على اللافتات في القرى السُّنية في الشوف. هنا لافتة للاشتراكي تهنئ رئيس بلدية مزبود محمد حبنجر بإعادة انتخابه رئيساً لاتحاد البلديات، يردّ عليها المستقبل بلافتة مضادة توضح أن حبنجر منتخب لنصف ولاية فقط، إذ سيتولى رئيس بلدية شحيم، محمد بهيج منصور (وهو رائد متقاعد من حرس الرئيس رفيق الحريري) النصف الثاني من الولاية.
تسوية لم يكن حبنجر ليحلم بها، وخصوصاً أن قرى الاتحاد الـ16 كانت متجهة إلى انتخاب رئيس بلدية برجا حسن غصن، رئيساً للاتحاد بأغلبية عشرة أصوات، وهذا ما دفع برئيس «الاشتراكي» وليد جنبلاط إلى الاتصال برئيس الحكومة سعد الحريري خلال وجود الأخير في أميركا، ليطالبه برئاسة الاتحاد. الحريري، الذي رفض في البداية، عاد ووافق على نصف ولاية لحبنجر، وتولى بنفسه الاتصال بغصن وإبلاغه الأمر وفق ما تنقل مصادر مطلعة في تيار المستقبل. وتشير المصادر ذاتها إلى أن جنبلاط «زعل» كثيراً من النتائج، وخصوصاً في بلدة كترمايا المحسوبة تاريخياً عليه، وقد قال كلاماً قاسياً بحق أعضاء بلديتها، وطالب أيضاً بتسمية رئيس بلديتها، ما رفضه الحريري.
هذه الرواية لا يوافق عليها النائب علاء الدين ترو، الذي ينفي أي خلاف مع المستقبل في الإقليم. «فالتنسيق كان قائماً بيننا وبين بقية القوى السياسية، في كل القرى». ويعيد ما يسميه «تبايناً» بين الطرفين إلى «التصريح الذي أدلى به مقر اللجنة الخماسية لإعادة تنظيم تيار المستقبل أحمد الحريري بعد الانتخابات وأعلن فيه أن تيار المستقبل اكتسح كل بلديات الإقليم، وهذا غير صحيح». ويؤكد ترّو أن الاشتراكي ضحى من رصيده في العديد من البلدات لإنجاز الوفاق العائلي. لكن التضحية لم تكن ممكنة في رئاسة الاتحاد الذي يتخذ طابعاً سياسياً. يقول: «مؤسف أن يضع حليفك السياسي فيتو على مرشحك. هذا ما فعله تيار المستقبل عندما أعدنا ترشيح الرئيس السابق للاتحاد محمد حبنجر، فرشّحوا هم صديقنا الدكتور حسن غصن (برجا). عندما يصبح الأمر سياسياً، يتجاوز الصداقة الشخصية. لم نوافق على الفيتو، بل أصررنا على موقفنا وعلى مرشحنا، وكان يمكننا أن نوصله لمدة ست سنوات، لكننا عدنا واقتُرح تداور الرئاسة بيننا وبينهم فاقترحوا رئيس بلدية شحيم محمد بهيج منصور».
بعيداً عن هذا السجال، تدلّ نتائج الانتخابات البلدية في الإقليم على فوز لافت لتيار المستقبل «لم تعكسه مناطق أخرى ما دام افتخر بها المستقبل مثل البقاع الغربي أو عكار أو حتى نسبة الاقتراع المتدنية في بيروت» يقول متابعون محصين النتائج التي أثبتت تراجع الاشتراكي في غير مكان (عانوت، برجا، كترمايا...) مع خصوصية للقرى المسيحية. وفي هذا الإطار، يقول مناصرون لـ«المستقبل» في الإقليم إنهم يسلّمون الرئيس سعد الحريري «سنداً أخضر» بعدما سدّدت أصواتهم في هذه الانتخابات كلّ الكمبيالات، للاشتراكي والجماعة الإسلامية، على حدّ سواء، متسائلين: «هل سيتلقف المستقبل الرسالة؟ فهذا انتصار يجب ألا يترك، وهناك أمور كثيرة يحتاج إليها أبناء الإقليم على المستقبل الالتفات إليها».