البقاع ــ نقولا أبورجيلييروي رفعت النمر، أحد أبناء بلدة الفاعور البقاعية، كيف أنّ سيارات كثيرة تعود أدراجها بمجرد وصولها إلى جسر نهر الفاعور، إذ لا تعلم أنّها أخطأت الوجهة إلا بعد الاستفسار من المارة عن جغرافية المنطقة. هذه السيارات تكون قد قطعت مسافة لا تقل عن 5 كلم، فيما يتابع معظمها طريقه باتجاه قرى شرق زحلة، التي تمتد على مسافة 20 كلم بمحاذاة سلسلة جبال لبنان الشرقية. يقول النمر إنّ معظم هذه السيارات تحمل لوحات لدول عربيّة وأجنبيّة، ومن بينها سيارات ينتمي ركابها إلى مختلف المناطق اللبنانيّة. يأسف الرجل أن يحدث ذلك في «قرانا التي تشهد حركة سياح أجانب، ما يسيء إلى سمعة لبنان في الخارج، فاللياقة تقضي بأن لا نضلّل الزوار، وهم ليسوا مضطرين إلى هدر الوقت واجتياز مسافات طويلة قبل الوصول إلى المناطق التي يقصدونها». يضيف: «في الصيف الماضي توقفت بجانبي سيارة تستقلها عائلة سعوديّة، واستوضحني سائقها عما إذا كان يسير في الاتجاه الصحيح للوصول إلى مدينة بعلبك، فأجبته بأنّه أخطأ السير وعليه أن يلف سيارته ويعود من حيث انعطف، عندها تمتم ببعض الكلمات، مبدياً استياءه من الموضوع». ويلفت النمر إلى أن رؤساء البلديات في المنطقة وجّهوا كتباً إلى المسؤولين في وزارة الأشغال العامة والنقل يطالبون فيها بتصحيح هذا الخطأ، ومع ذلك فالوضع لا يزال على ما هو عليه. هكذا، يعتمد السائقون ولا سيما الأجانب منهم، على إشارات دليل المدن والبلدات اللبنانيّة المثبتة على جوانب الطرقات الرئيسية والفرعية، للوصول الى المناطق التي يقصدونها، إلا أن عدداً من هذه الإشارات يشوبه بعض الأخطاء، ولا سيما وضع اتجاه السهم على نحو مغاير للاتجاه الصحيح، وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى تضليل السائقين، الذين يسلكون الطرقات الخاطئة لمسافات طويلة، وربما يعودون أحياناً إلى المفترق الذي انعطفوا منه. وما يحصل على «مصلّبيّة» طريق عام زحلة ـــــ البقاع الشرقي، ورياق ـــــ دير زنون خير شاهد على ذلك، فاللوحة الحديدية المثبتة إلى جانب هذه الطريق وعلى بعد أمتار من حاجز للجيش اللبناني، دوّنت في أعلاها كلمتا بعلبك باللغتين العربية والفرنسيّة، ورُسم بموازاتهما سهم يشير إلى متابعة السير شرقاً بعد تجاوز الحاجز باتجاه بلدات شرق زحلة، بينما الواقع أنّ السائق يجب أن ينعطف يساراً لسلوك الطريق الصحيح التي تؤدي إلى رياق ـــــ أوتوستراد بعلبك. وفي جولة قامت بها «الأخبار» على عدد من طرقات البقاع الأوسط، يتبيّن أن معظم لافتات دليل طرقات البلدات والقرى تشوبها هذه الأخطاء، ثبّتت واحدة منها عند مفرق بر الياس للدلالة إلى طريق مرجعيون ـــــ حاصبيا (القضاءان اللذان يبعدان عشرات الكيلومترات عن موقع اللافتة). وليس هذا بيت القصيد، فالسهم يشير إلى طريق تؤدي الى محلّة الجراحية بالقرب من بلدة المرج، ومن هناك «إذا كنت قبضاي وصال» إلى طريق جب جنين الرئيسية التي تربط البقاع الغربي بجنوب لبنان.


ما وراء الأشجار

الأخطاء في الأسهم والاتجاهات ليست وحدها من يضلّل السائقين على الطرقات اللبنانية، إذ غالباً ما يضيع هؤلاء بسبب وضعيّة بعض اللافتات الحديدية التي لا تفي بالغرض المطلوب. فمعظم اللافتات يقع وسط غابة من اللوحات الإعلانية المنتشرة عشوائياً على جوانب الطرقات الرئيسية، أو تكون حروف أسماء القرى قد محيت مع الزمن، أو ظلّلتها أغصان الأشجار الكبيرة، وهذا ما يؤدي إلى حجب رؤيتها وقراءة محتواها.