لم تمضِ إلا ساعات قليلة قبل أن تعرب إسرائيل عن رفضها الصريح لاقتراح الرئيس الفرنسي إعطاء فلسطين صفة دولة مراقبة، مؤقتاً، في الأمم المتحدة، وهو ما فعلته تركيا لأسباب مختلفة، بينما غابت واشنطن عن السمع بدت مبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، الذي اقترح فيها إعطاء فلسطين صفة دولة مراقبة، مؤقتاً، في الأمم المتحدة، شبه يتيمة، مع رفضها من الطرفين الإسرائيلي والتركي، وتهرُّب الرئيس الأميركي باراك أوباما من التعليق عليها، ليبقى الطرف الفلسطيني ممثلاً بسلطة محمود عباس أكثر المتحمسين لها.
وأعلنت تل أبيب رفضها لاقتراح الرئيس الفرنسي، وهو ما ترجمه المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية يغال بالمور الذي رأى أن المبادرة الفرنسية «توحي بأنها فكرة جيدة ولكنها ليست كذلك، لأن من المستحيل تجاوز المراحل عبر إعطاء الفلسطينيين دولة مهما كانت تسميتها. لا يمكن أن تقوم دولة فلسطينية بدون اتفاق مع إسرائيل». وتابع بالمور أنه «في هذا الموضوع، لا نستطيع أن نتعامل كأن إسرائيل غير موجودة». وفي السياق، أعرب أمين سر الحكومة الإسرائيلية المقرّب من رئيسها بنيامين نتنياهو، تسفي هاوزر، عن معارضته لمبادرة باريس. وقال هاوزر في نيويورك لإذاعة جيش الاحتلال إنه «بالنسبة إلينا، فإن إقامة دولة فلسطينية لا يمكن أن يأتي إلا مع نهاية الصراع وكافة المطالب، ولكن هناك مقاربة أخرى تعتبر الدولة الفلسطينية شرطاً للمفاوضات ومنطلقاً للمطالب». وأضاف «من المستحيل أن تكون هناك دولة فلسطينية هكذا، ومن هنا يجب أن نبدأ بالتفاوض». وبررت بعض المصادر جزءاً من الرفض الإسرائيلي بأن إعطاء فلسطين وضع دولة مراقبة في الأمم المتحدة مثل الفاتيكان، سيسمح للفلسطينيين بالمشاركة في أعمال كافة المنظمات الدولية، ومن بينها مقاضاة الدولة العبرية على جرائمها أمام المحكمة الجنائية الدولية، وخصوصاً في ما يتعلق بالاستيطان.
في المقابل، تحاشى الرئيس الأميركي باراك أوباما الإجابة عن أسئلة الصحافيين على الاقتراحات الفرنسية، وذلك خلال لقائه ساركوزي.
أما «أمّ الصبي»، أي فرنسا، فقد حذرت من «مأزق» يمكن أن يؤدي إليه طلب عضوية دولة فلسطين أمام مجلس الأمن الدولي، مؤكدةً أن اقتراحها بشأن إعطاء صفة مراقب لا يزال مطروحاً «رغم التحفظات الإسرائيلية». وأشار رئيس الدبلوماسية الفرنسية، آلان جوبيه، في مقابلة مع قناة «اي تيلي» التلفزيونية، إلى أن حكومته أوضحت أن هذا المشروع «سيؤدي إلى مأزق، لأن مجلس الأمن لن يعترف بدولة فلسطين لسبب واضح هو أن الولايات المتحدة قد أعلنت أنها ستلجأ إلى الفيتو». وفي السياق، جزم مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية، رومان نادال، أن اقتراح رئيسه إعطاء صفة مراقب، مؤقتاً، لدولة فلسطين «لا يزال مطروحاً رغم إعلان إسرائيل تحفّظها بشأنه». وبينما لفت نادال إلى أن باريس «أخذت علماً بالتحفظات الإسرائيلية»، عاد ليشدد على أنه «علينا العمل لأن الوضع الراهن غير مقبول، وبالتالي لا يمكن ألا تتحرك إسرائيل، والمقترحات الفرنسية لا تزال قائمة».
بدورها، أوكلت تركيا مهمة رفض المبادرة الفرنسية إلى نائب رئيس حكومتها بولنت أرينش الذي شبّه هذا الاقتراح بمعارضة ساركوزي دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. وقال أرينش، خلال لقاء مع صحافيين أوروبيين، «يبدو أن بعض الدول قد غيّرت رأيها بسبب تأثير إسرائيل حيال الاعتراف بدولة فلسطينية». وأوضح أن «ما قاله ساركوزي حيال فلسطين يشبه ما قاله بالنسبة إلى تركيا عندما اقترح ألا تكون عضواً كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي». وذكّر بأن فرنسا وألمانيا تريدان اقتراح «شراكة تفضيلية» مع تركيا بدل انضمام كامل إلى الاتحاد، مجدداً رفض هذا «العرض» بما أن «تركيا شريك تفضيلي للاتحاد الأوروبي منذ أعوام، وهي رفضت دائماً هذا الوضع خلال مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الاوروبي». كذلك أمل أرينش أن يوافق مجلس الأمن على طلب فلسطين أن تصبح عضواً كامل العضوية في الأمم المتحدة.
(أ ف ب)