خاص بالموقع- ثلاث عشرة ساعة فصلت بين بدء تجمّع الثوار المصريين، أمام مبنى السفارة الإسرائيلية في القاهرة، ليل الجمعة ـــــ السبت، وبين هبوط الطائرة التي أقلّت طاقم السفارة وعوائلهم في مطار بن غوريون، تخللتها اتصالات مكثّفة ومتوترة بين تل أبيب وواشنطن والقاهرة، هدفت إلى إنقاذ القاطنين في مبنى السفارة من غضب من يرون في بقائها امتداداً لخيارات النظام السابق، وامتهاناً لكرامتهم بعد مقتل عدد من الجنود والضباط المصريين في أعقاب عملية إيلات الأخيرة.
وفيما كانت خطوط الهاتف مفتوحة على خطي واشنطن والقاهرة، كان المسؤولون الإسرائيليون يشاهدون عبر بث لاسلكي مباشر، من خلال كاميرات منصوبة في جميع أنحاء السفارة، ما يجري على أرض الواقع، ويتابعون التطورات في غرفة الوضع الخاصة، التي شارك فيها وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان ورئيس جهاز «الشاباك» يورام كوهين، والسكرتير العسكري اللواء يوحنان لوكرن، وبحضور رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي اتصل عدة مرات مع حرس السفارة وتعهد لرئيسهم بأن حكومته ستستخدم «كل القوة المطلوبة من اجل إخراجك ورجالك بسلام». بموازاة ذلك، اتصل وزير الدفاع إيهود باراك، بنظيره الأميركي ليون بانيتا، وبمبعوث الرئيس إلى الشرق الأوسط، دنيس روس، كما اتصل نتنياهو برئيس الاستخبارات المصرية، مراد معافي، طالباً منه استخدام كل قواته لإنقاذ الإسرائيليين من السفارة. وللغاية نفسها، اتصل أيضاً بالرئيس الأميركي باراك أوباما الذي بادر إلى إجراء اتصالات وإعطاء تعليمات ببذل كل الجهود الدبلوماسية وممارسة الضغوط على المجلس العسكري في القاهرة، داعياً مصر إلى «الاهتمام بالمحافظة على السفارة، واحترام الالتزامات الدولية وضمان سلامة السفارة الإسرائيلية».
وكجزء من الضغوط الأميركية، اتصلت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون بنظيرها المصري، كامل عمرو، وطلبت منه الالتزام بمعاهدة فيينا والدفاع عن السفارة.
في أعقاب ذلك، وصل مئات الجنود المصريين مع عشرات الآليات المدرعة لتفريق الجماهير المحتشدة. كما دخلت قوة خاصة مصرية «كوماندوس» برفقة آليات، إلى داخل حرم السفارة، وعمدت الى إخراج أفراد الطاقم الإسرائيلي بثياب مدنية، وإيصالهم في ظل حماية مشددة إلى مطار القاهرة، حيث كانت تنتظرهم طائرة خاصة أقلعت في الساعة الرابعة وأربعين دقيقة فجراً، وعلى متنها 80 شخصاً، بمن فيهم السفير الإسرائيلي يتسحاق ليفانون وأعضاء الطاقم الدبلوماسي وعوائلهم. ووصلت إلى مطار بن غوريون في الساعة الخامسة والنصف.
لكن التوتر الشديد الذي ساد في غرفة الوضع الخاصة، في وزارة الخارجية، كان الخطر الذي تهدّد الحراس الستة للسفارة المحاصرين داخل المبنى. إذ كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن ليبرمان تحدث معهم هاتفياً، وطلب منهم أن يدافعوا عن أنفسهم والاستعداد لأي وضع، بما فيها قتل أي شخص يقتحم السفارة من دون تردد. وأشارت الصحيفة إلى أنهم كانوا مستعدين لذلك، وكانت الأسلحة بأيديهم جاهزة لإطلاق النار بصورة سريعة.
ولفتت «يديعوت» إلى أن أفراد أمن السفارة الإسرائيليين كانوا يجرون تدريبات دائمة على ما يسمونه «إجراء تظاهرة»، وأنهم كانوا مسلحين بوسائل قتالية متنوعة تهدف إلى إطلاق نيران كثيفة دفعة واحدة لـ«إجبار المتظاهرين على التراجع».
كذلك أكدت الصحيفة أنه «لولا وصول القوة المصرية الخاصة واستخدامها قوة كبيرة جداً من أجل تفريق الحشود، الذين كانوا يحاولون اقتحام الباب الأخير، لكانت حدثت كارثة». ولفتت إلى اتفاقاً جرى التوصل إليه خلال التنسيق بين تل أبيب والقاهرة، يتضمن ارتداء طاقم الحراسة الإسرائيلي «زياً عربياً وكوفية صفراء». وفي اللحظة الأخيرة، وافقت إسرائيل على ذلك من أجل عدم تشخيصهم، وهكذا تم نقلهم إلى المطار، ومن هناك إلى إسرائيل.