الرباط | مع انطلاق الانتفاضة الليبية، اتّضح أنّ جبهة «البوليساريو» وقادتها حاولوا فعل كل ما في وسعهم لإنقاذ صديقهم الأزلي معمر القذافي. وقد أشارت تقارير صحافية أجنبية عدة إلى وجود مرتزقة بعثتهم الجبهة للقتال إلى جانب القذافي في محاولة منها لإنهاء الانتفاضة في أيامها الأولى، بدعم خفي من الجزائر. تقارير أكّدتها الوثائق التي عثر عليها المعارضون في مقر القنصلية الجزائرية في طرابلس، رغم نفي «البوليساريو» لها، مع اعتقال ما يقارب 500 مرتزق ينتمون إلى الجبهة كانوا يقاتلون إلى جانب كتائب القذافي، معظمهم أُوقفوا في مجمع باب العزيزية ومدينة الزاوية. وكشفت المصادر أن المرتزقة كانوا يتلقون مبالغ مالية كبيرة عن كل يوم قتال، مع إشارة صحيفة «دايلي تلغراف» البريطانية إلى أن السفير السابق لـ «البوليساريو» في الجزائر، يسليم بيسات، الذي يتمتع بعلاقات قوية مع الاستخبارات الجزائرية ونظام القذافي، كان الوسيط في هذه الصفقة. لهذه الأسباب، يرى كثيرون أن «جبهة تحرير الصحراء والساحل» خسرت كثيراً في حربها ضد المغرب، إذ إنها وضعت نفسها في موقف حرج أمام الدول الكبرى، وتحديداً الولايات المتحدة وفرنسا، اللتين تدعمان «المبادرة المغربية للحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية». وقال الدبلوماسي الأميركي السابق إيدوارد غابرييل إن «هناك أدلة قوية على أن مقاتلين من البوليساريو قاتلوا الثوار والقوات الأطلسية إلى جانب القذافي، وهذا يعني أن الجبهة تعمل على توتير المنطقة وتقويض استقرارها وتهديد المصالح الأميركية، وبالتالي سيتعين على المجتمع الدولي التدخل لمعاقبتها وردعها».
وبحسب مصادر من داخل مخيمات تندوف في الجزائر، الحضن الأكثر دفئاً لـ «البوليساريو»، فإن انهيار نظام الزعيم الليبي أحدث رجّة قوية في أركان الجبهة، التي اضطر رئيسها محمد عبد العزيز إلى قطع إجازته في إحدى الجزر الإسبانية للعودة بسرعة إلى المخيمات لعقد اجتماع طارئ لبحث التطوّرات غير السارة، والخطوات التي يمكن اتخاذها لمحاولة كسب المعركة ضد المغرب. ووفق المعلومات، تباحث قادة الجبهة أيضاً في ملف المقاتلين الذين اعتقلتهم السلطة الجديدة في ليبيا، وخصوصاً مع تصاعد موجة احتجاجات عائلات هؤلاء في المخيمات. «البوليساريو» اليوم في ورطة كبيرة؛ فحتى الجزائر بات هامش المغامرة بالنسبة إليها ضيقاً. وفي السياق، رأى القيادي السابق في «البوليساريو»، مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، أنّ خيار الجبهة بالوقوف إلى جانب القذافي في الحرب ضد شعبه، وإرسالها مقاتلين إليه كان «خطأً فادحاً»، لافتاً إلى أن موقف الجبهة «لا يمثل رأي كل الصحراويين، الذين دعموا الثورة الليبية منذ اليوم الأول».
ويرى الباحث المغربي المختص في ملف الصحراء، محمد رضا الطاوجني، أن «البوليساريو» بسقوط القذافي فقدت أباها الروحي وعرابها. وقال لـ «الأخبار»: «كان القذافي أكبر مموّل للتنظيم منذ البدايات الأولى لنشأته. إنه بمثابة منظّر إيديولوجي وأب روحي لهذه الحركة الانفصالية، وبسقوطه الآن يكونون قد فقدوا حليفاً من وزن ثقيل جداً في القارة الأفريقية». ويتوقع الطاوجني أن يترك الحدث الليبي «الجزائر وحيدة كداعم لطرح البوليساريو، وسيقدم فرصة ذهبية إلى المغرب لإثبات أن اقتراحها هو الحل الأنجع».
لهذه الأسباب، كان الدعم المغربي للمعارضة الليبية واضحاً، رغم أنّ الرباط أجّلت الاعتراف بالمجلس الانتقالي حتى اتضاح الأمور حفاظاً على سلامة رعاياها في ليبيا، وخوفاً من محاولات انتقامية، وهو ما جسدته تصريحات رئيس السلطة الجديدة في ليبيا، مصطفى عبد الجليل، الذي أشاد بالدور البارز للمغرب في نجاح الثورة الليبية.
وإن كان العقيد القذافي يجد في المغرب جيوباً من المتعاطفين معه، المحسوبين على التيار اليساري القومي، فإن معظم المغاربة تعاطفوا مع المعارضين له، إذ إن جزءاً كبيراً منهم عاجزون عن نسيان حقيقة أن القذافي كان وراء تزويد «البوليساريو» بأول سلاح يوجه ضد المغرب. ورغم أن القذافي حاول تدارك الموقف في السنوات الأخيرة من خلال نصيحته لـ «البوليساريو» بالعودة إلى المغرب، وتأسيس حزب سياسي، يؤكد كثيرون أن هذه الدعوة لم تكن سوى حلقة جديدة من مسلسل الرياء الدبلوماسي بين طرابلس والرباط، التي حاولت دائماً إبقاء شعرة معاوية مع القذافي، ومد يد العون إليه حتى في أحلك فتراته أيام الحصار الغربي على الجماهيرية.
ولطالما حاولت المغرب الرسمية مصادقة نظام العقيد، حتى إنها غرّمت ثلاث صحف بعد نشرها أخباراً ومقالات تنتقد النظام الليبي، كما فتحت المملكة الباب أمام الاستثمارات الليبية الضخمة، النفطية والفندقية خصوصاً، إضافة إلى المصانع والعقارات والمشاريع الأخرى المشتركة مع رجال أعمال مغاربة وأجانب، لكن رغم كل ذلك، فإنّ تاريخ العلاقات بين البلدين حافل بالتجاذبات، وخصوصاً بين قائدين على طرفي نقيض كان يرفض كل منهما أن يكون ظلاً للآخر؛ فاللقاء الأول بين القذافي والملك المغربي الراحل الحسن الثاني في القمة العربية سنة 1969، كان متوتراً جداً، بعدما وصف الزعيم الليبي مشهد تقبيل أحد أعضاء الوفد المغربي يد الملك بـ «الحنين إلى العبودية». ووصل الأمر به إلى اتهام وزير دفاع والداخلية في المغرب محمد أوفقير بأنه «قاتل»، فضلاً عن إعلان دعمه للانقلاب العسكري على الملك المغربي سنة 1971، وتأييده لـ «الضبّاط الأحرار»، واقتراحه على الجزائر إرسال طائرات عبر الأجواء الجزائرية لدعمهم. وبعد فشل الانقلاب، سخر الملك الحسن الثاني من القذافي، ملمحاً إلى تخلُّفه، وذلك في ندوة صحافية أطلق خلالها تصريحه الشهير: «لا تفصلنا عن ليبيا صحراء من الرمال فقط، بل صحراء من التخلف الفكري أيضاً». بدوره، كان القذافي ينظر إلى النظام المغربي على أنه رجعي ينتمي إلى المعسكر الامبريالي، ويحول دون تطبيق الأفكار الثورية، لذلك كان يسعى إلى إسقاطه.
من خبايا العلاقات المغربيّة ــ الليبيّة
للعقيد معمر القذافي زيارة شهيرة إلى مدينة وجدة في المغرب، ولقاء تاريخي جمعه عام 1984 مع الملك الراحل الحسن الثاني، أفضى إلى اتفاق تعاون مشترك بين البلدين، ووعد فيه القذافي بالتراجع عن دعم الانفصاليين الصحراويين، لكن سرعان ما ظهر أن هذه الوعود لم تكن سوى كلام ليل يمحوه النهار. وخلال عهد العقيد، اتسمت العلاقة بين المغرب وليبيا بالتوتر غير المعلَن وبالأزمات المتكرّرة. ورغم بعض الانفراجات والصفقات، كشف المندوب الليبي لدى مجلس الأمن الدولي عبد الرحمن شلقم أنّ الملك الحسن الثاني سلّم طرابلس عمر عبد الله المحيشي، الذي حاول الانقلاب على القذافي، وكان لاجئاً في المغرب. ولأن القذافي سعى إلى دعم «البوليساريو» بكل الطرق، فقد أهان الرباط في مناسبة لم ينسها حكام المغرب؛ ففي عام 2009، توجه وفد مغربي رسمي إلى ليبيا للاحتفال بالذكرى الأربعين للفاتح، ليكتشف مفاجأة صادمة عبّر عنها وجود وفد يمثل جبهة «البوليساريو» ورئيسها في الاحتفالات، بعدما تلقى المغرب تطمينات بعدم مشاركتهم، ليقرر الوفد المغربي بعدها الانسحاب، ولتلغي القوات المسلحة المغربية العرض الاحتفالي الذي كان منتظراً أن تشارك فيه في الاحتفالات، ما أغضب المغرب كثيراً في حينها.
5 تعليق
التعليقات
-
الى Moh.LaMINو الله أضحكني تعليقك هههههه أنت تقول بأن كاتب المقال جاهل لأنه تحدث عن "جبهة تحرير الساقية و الساحل" و أنت ألست جاهلا أيضا بقولك بان المخابرات المغربية اسمها "المخزن" ؟؟ وا عجبي !! أما مساندة عصابة البوليساريو للقذافي فذلك ليس سرا ، ويمكننا أن نقرأ في موقع وكالة مرتزقة البوليساريو الرمسية حيث غياب أي حديث عن الوضع الليبي المشتعل منذ 7 أشهر الا في 3 مواضع اخرها الحديث على "سقوط طرابلس في أيدي المتمردين (أو المعارضة المسلحة عندما يريدون تغيير الاسم) فيما الحديث حول المغرب في كل يوم و كأن حركة 20 مراهق تقوم بثورة في بلادنا و هم و لا احد سامع بيهم اليوم ههههه واا عجبي !! و لا تقلقوا .. الثورة قادمة حتى لحضنكم الدافئ الاخير (و أنت تعرف من أقصد) و هكذا ستصبحون عرايا تتمنون الحكم الذاتي الذي عرضه المغرب و لن تجدوه :)
-
العالم العربي يشهد التغيير على يدي الثوارعهد الإستبداد والظلم قد ولـى ولا مكان له بعد يوم الثوري للشعوب المطالبة بحقوقها الشرعية الذي يكفلها لها القانون الدولي تحت مظلة مجلس الأمن الدولي وإذا دعى الأمر يفرض بقوة عسكرية دولية وهذا هو دور الحقيقي الذي أسست له الأمم المتحدة لحماية الشعوب من تسلط الإرهابي على حقوقها الشرعية وهذا مانراه في ليبيا الذي حقق ثوارها لمطالبها الشرعية في تحقيق التغيير تحت غطاء جوي عسكري دولي وإجلاء نظام ديكتاتوري أتى على ظهر ذبابات عسكرية وإغتصب السلطة لأربع عقود من الزمن والذي أهلك الحرث والنسل وأباد كل مطالب بالحرية والديمقراطية وقتل الإتحاد المغاربي في مهده بمراكش لدعمه عسكريا وسياسيا لعصابة إرهابية يحتضنها نظام ديكتاتوري في الحمادة والتي تطالب بدولة وهمية لا وجودلها على الساحة المغاربية لتبقى علقة في حنجرة نظام المغربي لعرقلة تقدمه في مساره الديمقراطي وبحول الله كل مساعي لهذه الأنظمة المستبدة باءت بالفشل وإنتصر المغرب في ثورته الدستورية السلمية في مناخ مغاربي الذي شهد زوبعة ثورية شعبية التي عصفت بأنظمتها المستبدة القاسية وتصم أذانها حول المطاب الشعب وتتجاهل التحول الدولي حول مسار ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ومعتقداته الدينية في إطار أسرة دولية تنبد العنف والتطرف والتعايش بالسلام وذهبت بها إلى مزبلة التاريخ ولازال بعض منها ينتظر نحبه
-
إنتهاء العلاقة منذ 1982المقال فيه مغلاطات بالجملة القدافي أوقف دعمه لجبهة البوليساريو مند 1982
-
البوليساريو ترثي القذّافي والمغرب يخرج منتصراًللتاريخ يجب على كاتب هذا المقال ان يراجع جيدا مصادره. مع الاسف الشديد كل ما كتب هنا حول العلاقة الليبية الصحراوية هو من مصادر مغربية العالم كله على علم بأن نظام القذافي قد أوقف كل اشكال الدعم لكفاح الشعب الصحراوي ضد التوسع المغربي منذ يوليوز 1982، قبل أن يوقع مع المملكة المغربية، لاحقا، اتفاقية مايعرف ب"الاتحاد العربي الافريقي" سنة 1984. لقد انخرط محور الرباط – طرابلس في مسار من المتاجرة والمقايضة على أساس دعم ليبي متعدد الأوجه للمغرب بالمال والسلاح في حربه التوسعية ضد الشعب الصحراوي. بالمقابل، عمدت المملكة المغربية إلى تسليم معارضين ليبيين لاجئين بالمغرب من مثل العقيد لمحيشي ورفاقه، وكذا تعقب ومتابعة المعارضين الليبين في اوروبا والولايات المتحدة الامريكية، بالاضافة الى مساع دائمة من طرف الرباط من أجل تجميل صورة العقيد لدى بعض العواصم الغربية.
-
اعرف ما تكتب للاسف اطلالة بسيطة على المفردات المستخدمة من طرف الكاتب ستمكنا من ادراك ان الكاتب تم الزج به للكتابة عن موضوع لايعرف عنه شئ. فاذا اخذنا مثلا عبارة من قبيل "«جبهة تحرير الصحراء والساحل» سيتبين لنا ان الصحفي المحرر لايعرف حتى عن ماذا كتب. فقد دفعوه للزج باسم البوليساريو في اخبار ملفقة مرجعها وسائل الاعلام المغربية التى يشرف عليها المخزن(المخابرات المغربية). هذا فضلا عن الاخطاا في اسماء الاشخاص الذين نسبهم للبوليساريو. الصحراويون يا كاتب المقال يقاتلون منذ اكثر من 36 سنة دون ان يتدخلوا في الشؤون الداخلية لاي احد بما في ذلك المغرب نفسه رغم انهم في حرب معه فكيف يعقل ان يزجوا بانفسهم في شأن ليبيا؟ صحيح القذافي كام من السباقين لدعم البوليساريو في حربهم ضد اسبانيا واستمر في دعمه بعد الغزو المغربي ليتخلى عن دعمه عام 1984 بعد صفقة مع الحسن الثاني(اتفاق وجدة) مقابل تخلي الحسن الثاني عن ايواء المعارضة الليبية . عاد الدعم الليبي للصحراويين(الدعم الانساني) بعد فشل الاتفاق الذي كان متوقعا فشله اصلا,