انتظرت تركيا الرسمية والإعلامية خطاب الرئيس السوري بشار الأسد بفارغ الصبر، على قاعدة أن للخطاب أهمية كبرى من الناحيتين: إن جاء فيه كلام واضح عن إصلاحات محددة تتخطى إطار مجرّد النيات بالإصلاح، فستكون تركيا إلى جانب دمشق. أما إذا اقتصر على إلقاء اللوم على «المؤامرة» والعصابات المسلحة، فسيكون النظام السوري قد فوّت إحدى الفرص الأخيرة المتاحة له. وكان من الطبيعي أن يأتي كلام الإعلام أوضح وأقوى من دبلوماسية الكلمات الرسمية المنمَّقة، حتى وصل الأمر ببعض الصحافيين الرئيسيين إلى توقُّع أن يكون خطاب الأسد هو الأخير له، وسط خشية تركية من اقتراب القوات السورية من الحدود التركية، ما يشير إلى احتمال اندلاع اشتباكات بين الجيشين.وكان لخطاب الأسد وقع الخيبة في أنقرة؛ إذ رأت مصادر رسمية في أنقرة، في حديث لصحيفة «توداي زمان»، أن الكلمة الطويلة للرئيس السوري «لم تتضمّن ما كان متوقَّعاً منها»، بما أن الرئيس السوري «لا يزال يحاول تأجيل الإصلاح وشراء الوقت الذي لا يملكه أصلاً». وأشارت المصادر الحكومية إلى أنّ الأسد «لم يبلور خططاً واضحة للانفتاح السياسي على كافة الأطياف السورية».
وسبق خطابَ الأسد إعلان كبير مستشاري الرئيس التركي، أرشاد هرمزلو، أنّ بلاده تنتظر خطاب الأسد على قاعدة أن «أمام النظام في دمشق أسبوعاً، لأنه لا يمكن تقديم أي غطاء للقيادة السورية بعد ذلك». وقال هرمزلو، لفضائية «العربية» السعودية، إنّ «القيادة التركية أشارت لنظيرتها السورية إلى ضرورة إجراء إصلاحات تتماشى مع متطلّبات الشعب السوري، وننتظر أن يكون ثمة تجاوب مع هذه المطالب في فترة قصيرة لا تتجاوز أسبوعاً». وتابع بأنه «لا يمكن تقديم أي غطاء للقيادة في سوريا بعد ذلك في هذا الموضوع، لأنه يبدأ حينها التخوف من بدء التدخلات الخارجية».
وعلى الصعيد الرسمي أيضاً، نفى مصدر تركي رفيع المستوى في وزارة الخارجية لصحيفة «توداي زمان» مزاعم لقناة «العربية» عن أن أنقرة تنوي إرسال موفد إلى دمشق لتسليم القيادة السورية إنذاراً خطياً يتضمّن طلباً بإقالة شقيق الرئيس الأسد، العميد ماهر الأسد، من منصبه العسكري في قيادة الفرقة الرابعة بالجيش السوري. وقال المصدر التركي للصحيفة: «لا نعتقد أن هناك حاجة للإقدام على مثل تلك الخطوة في المرحلة الراهنة». وبرّر المسؤول موقفه بأنّ حكومته على اتصال دائم مع نظيرتها السورية، وهو ما يلغي الحاجة لإرسال موفد تركي إلى دمشق.
وكانت فضائية «العربية» قد أشارت إلى أنّ أنقرة تُعدّ لإرسال موفد خاص لتسليم القيادة السورية رسالة خطية تطلب من نظام الأسد القيام بثلاث خطوات: ـــــ الإقدام على خطوات إصلاحية فورية. ـــــ وقف فوري للعمليات العسكرية التي ينفذها الجيش السوري في مختلف المدن السورية ضد المتظاهرين. ـــــ إقالة ماهر الأسد من منصبه، على أن توفّر له أنقرة ملاذاً آمناً في تركيا أو تساعده على إيجاد منفى في أوروبا.
على صعيد الإعلام التركي، نقل رئيس تحرير صحيفة «حرييت دايلي نيوز»، مراد يتكين، عن «مصادر مسؤولة رفيعة المستوى»، توقّعها أن يتضمّن خطاب الأسد إعلاناً لإصلاحات سياسية، مشيرة إلى أن أنقرة تستعدّ لاتخاذ خطوات ومواقف إضافية بعد الزيارة التي قام بها موفد الأسد، حسن توركماني لأنقرة في الأسبوع الماضي.
وتحت عنوان «الأسد يتحدّث من أجل مصيره ومصير سوريا»، كتب يتكين أنّ دوائر القرار في أنقرة أبلغته توقُّعها بأن يغيّر خطاب الأسد مجرى الأحداث في سوريا، وأن يحسم مصيره كرئيس أيضاً. وأضافت مصادره المسؤولة أنه «إذا فشل الرئيس السوري في إعلان سلسلة من الإصلاحات المطلوبة، فسيفوّت فرصة كبيرة من ناحية ضمان بقائه في الحكم»، كذلك إن عدم إعلانه تلك الإصلاحات «سيجعل من أنقرة عاجزة عن إيلاء المزيد من الثقة للأسد».
وأوضحت المصادر نفسها أنّ الأمل، ولو الضئيل، بأن يعلن الأسد إصلاحات حقيقية، ينبع من إعلان ابن خال الأسد، رجل الأعمال رامي مخلوف، اعتزاله العمل التجاري واتجاهه نحو العمل الخيري، «وذلك بعد يومين فقط من سماع موفد الأسد إلى أنقرة، حسن توركماني، نصيحة بأنه يحب الاستماع إلى مطالب إقصاء الفاسدين في قلب النظام». وبحسب دبلوماسي تركي تحدّث لرئيس تحرير «حرييت»، فإنّ «أنقرة متأكدة من أن هناك أشخاصاً في النظام السوري يريدون منع الأسد من اتخاذ خطوات إصلاحية من أجل استمراره بقمع شعبه، وهو ما لا نريده في أنقرة».
من جهتها، كتبت إحدى أقرب الصحف من حكومة أنقرة، «توداي زمان»، موضوعاً طويلاً على صفحتها الأولى بعنوان «العمليات العسكرية السورية القريبة من الحدود التركية قد تؤدي إلى اشتباك مع تركيا». ونقل التقرير عن الباحث في «مركز الدراسات الاستراتيجية الشرق أوسطية»، فيصل أيهان، تحذيره من أن تركيا «لن تقف مكتوفة الأيدي إن أقدمت القوات الأمنية السورية على قتل مواطنين سوريين هاربين بالقرب من حدودها»، بدليل الزيارات الرفيعة المستوى التي قام ويقوم بها مسؤولون عسكريون أتراك للمنطقة الحدودية، واضعاً تلك الزيارات، وأهمها لقائد الجيش البري الجنرال إردال جيلان أوغلو بأنها «رسالة شديدة اللهجة للسوريين بأن تركيا لن تبقى في موقع المشاهِد للأحداث الجارية على حدودها».
(الأخبار)
17 تعليق
التعليقات
-
قصق اؤجالان خلوها على جنبقصق اؤجالان خلوها على جنب يللي بيعرف بيعرف ويللي ما بيعرف بيقول كف عدس.
-
خيبة كبيرة جدااكيد وبدون ادنى شك ان خيبة أمل كبيرة اصابت الحكومة التركيةمن خطاب السيد الرئيس بشار الأسد حفظه الله لأن الخسارة التي خسرتها تركيا كبيرة جدا جدا فتركيا دخلت المنطقة من البوابة السورية والآن لااعتقد ان الأمر سيعود كما كان وكما هو معروف ان تركيا تحاول تسويق نموذجها بالعالم الاسلامي وطبعا بمساعدة امريكا والواضح جدا جدا ان تركيا خسرت حليفا في المنطقة ولن يكون لها اي امل في الاتحاد الأوروبي لأن سورية بقيت صامدة فقد اصابها الخيبة من الطرفين من خطاب السيد الرئيس بشار الأسد حفظه الله لأن سورية ستكون اقوى من السابق بكثير والخيبة الثانية هي أن الخاسر دائما خايب شي معروف حمى الله سوريا وشعبها بقيادة الرئيس بشار الأسدحفظه الله من كل مكروه
-
تحيةتحية لتعليقات Helal و محمد ناسر ... تعليقاتكم رائعة و في الصميم .
-
اللعبه التركيهربما كان من الآفضل لو تعلما من الآتراك قبل ان يتعلمون منا.. لقد كانت علاقة بشار الآسد في البدايه زكيه حيث التف بها حول الطوق الآميركي يتشابه الى حد ما بما قام به حافظ الاسد مع اليونان ضد تركيا عندما لوح الحكم العسكري التركي انذاك بدخول سوريه للقبض على اوجالان. فاصبحت اليونان شبه الحليف لسوريه. ثم اصبحت العلاقه بين تركيا وسوريه تشبه الرميه في احضان اردوغان. اذا كان الدكتور بشار لم يعلم اللعبه التركيه..لكن اين كان اللواء تركماني، اين بثينه شعبان. الآوربيون من ساركوزي الى ميركل الى كثيرين يعرفون اردوغان وذكائه وهو الان ثعلب الشرق. لا يذهب مره واحده الى المانيا الا ويخلق مشاكل هناك عند السياسيين والعوام. اين الخبراء اين الستشارين، قبل ان تصل العلاقه الي هذا المستوى كان الافصل الحذر من التضليل والتعمق في التحليل سواء في العلاقه مع اردوغان او مع من قتل ابيه ليستلم منصبه. اكبر دليل على ذكاء اردوغان هو تزايد شعبيته حتى مايقارب خمسون فى المئه. ومع احترامي للدكتور بشار فلا اعتقد ان شعبيته في انتخابات حره تتجاوز الاربعون في المئه. ومن هنا كان من الآذكى ان نتعلم منهم قبل ان يتعلموا منا.قومي سوري
-
The Dog, America, and Turkeyالتقيت اليوم كردياً تركي. أحببت أن أعرف رأيه بما يجري في سوريا. جوابه كان فتش عن أمريكا. و عندما سألته عن تفسير موقف أوردغان ابتسم و قال أنتم العرب أغبياء! "ما أكاد ألتقي عربياً إلا و كان يمجّد و يمدح أوردغان و هم لا يدرون إنه America's Dog ثم قال أوردغان يحاضر في بشار الأسد ليلاً نهاراً و نسيَ نفسه و هو الآتي من عائلة متواضعة مادياً و لا أحد يدري كيف أصبح إبنه من أغنى أغنياء تركيا. السياسة التحريرية للأخبار في الأسابيع الماضية دأبت على تعرية سوريا و قد أظهرت تحقيقاتها كثيراً من عورات النظام في سوريا, بعضها حقيقي و بعضها مبالغ فيه و البعض الآخر مشوّه و لا حقيقة له. نعم النظام السوري فيه عورات و لكن فيه أيضاً قلب و روح و نفس. قلبه العروبة و روحه فلسطين و نفسه المقاومة. البعض يبرّر للأخبار بالقول "الصديق من صدَقك" و في هذا أيضاً تحريف و تزوير للمعنى, نعم الصديق من صدقك لا من فضحك و ليس صديقك من يعيرك بعيب عندما تشحذ السكاكين لذبحك. كان الأجدر بالأخبار أن تعرّي الذين طعنوا سوريا بالظهر لا من يحمي ظهر المقاومة.
-
عين العقلو الله سيادة الرئيس عمل عين العقل ... طنش و تجاهل كل الخارج في خطابه و تحديداً الأتراك و أعطاهم حجمهم الحقيقي .. قال فرصة أخيرة قال ... الأتراك صدقوا حالهم و مفكرين أنو صرلن كلمة بسوريا هههههه
-
دول عربية مستقلة؟؟؟سؤال يطرحه الكثير من السوريين: ما الفائدة من الاحتفال سنويا بعيد الاستقلال إن كانت دول الاستعمار هي من تريد ادارة سورية؟ العثمانيون يطالبون و الفرنسيون يطالبون أيضا و الامريكيون يقررون بأن رئيس دولة فقد شرعيته و البريطانيون يشاركونهم الرأي و الاتحاد الأوربي يفرض و يشدد عقوبات و العرب يدعون بأنهم يراقبون و الروس و الصينيون يعارضون.. أين الشعب السوري من معادلة الغرب؟ هل يريد أحد أن يقنعني بأن الغرب الحنون تهمه مصلحة الشعب السوري؟ كفانا هراء يا أصدقائي.. إن كان الغرب قد حن إلى شيء فهو العودة للإستعمار بعد غياب نصف قرن
-
أرشاد هرمزلو نفسه البارحة طلعأرشاد هرمزلو نفسه البارحة طلع عالعربية وقال أنا لم أقل أننا أعطينا سوريا أسبوعاً!!!! وقبل البارحة سمعناه يقول بمهلة الأسبوع؟؟؟ للأسف تركيا تلعب لعبة قذرة من التهويل والضغط الإعلامي خدمة لأهدافها في اتحاد جماعات الاخوان المسلمين في الدول العربية يقيادة خلافة مزعومة.
-
العقل زينةتركيا تلعب-على دمها--نحن ادخلنا تركيا المنطقة العربية وقضاياها وخروجها ايضا على يدنا--على تركيا ان تعرف حدودها جيدا فهي ليست اميركا بل تابعة لها
-
يا حرام الأتراك مدايقين منيا حرام الأتراك مدايقين من تطنيش الرئيس بشار الأسد للخارج ومفكرين حالهم أوليء أمر .. راحت عليهن ومتل ما قال الرئيس رح يتعلمو مع الايام من سوريا بدل ما يبقوا عم ينظروا ويتآمر بعضهم . من خارج الجيش الذي أرسل رسالة عبر وسيط أنه لايرغب بالتصعيد مع سوريا
-
ليت هذا الغضب التركي كان باتجاه اسرائيلالمراقبون العارفون بدقائق الامور يقولون ان العلاقات الاسرائيلية التركية لم تشهد مثل هذا الحجم من الصفقات والتعاون العسكري والاقتصادي والمناورات المشتركة بين الدولتين في اي وقت مضى مثل ما شهدته في عهد اردوغان خليفة الاسلام والمسلمين .. ويقولون ان ادسم الصفقات كانت تحديدا بعد حادثة سفينة مرمرة .. وتقول اوساط المعارضة التركية ان اردوغان ضحى بهؤلاء الاتراك المساكين على السفينة لأن الامريكيين طلبوا منه مسرحية جديدة يظهر بها اردوغان بطلا وحاميا للمسلمين وليس بالطبع افضل من مدخل فلسطين وغزة لتحقيق هذه الغاية .. وكان اردوغان استبقها بمسرحيتين استعراضيتين حين انسحب من جلسة حوار مع بيريز وترك عمر موسى الذي اعطاه الامريكيون دور الضعيف المتردد لكي تظهر بطولة اردوغان بصورة صارخة واما مسرحيته الثانية فهي مسرحية السفير التركي الذي اهين في تل ابيب .. وهو الآن يمنح لنفسه شرعية لم يتمتع بها حتى الصدر الاعظم العثماني ليس لانه حرر القدس او قطع العلاقة مع الصهاينة او حتى خفف من حميمية هذه العلاقة .. فهو يتدخل بالشأن السوري ويصل الى التلويح بالحرب الذي لا تجرؤ حتى امريكا على التلويح بها .. إذا كان يهم اردوغن شأن السوريين المهجرين الى الحدود فلم لم يهتم بالبوسنيين عندما ارتكبت بحقهم مجازر تحت سمع ونظر الحلف الاطلسي حلف اردوغان .