المنامة | أوصلت المعارضة البحرينية، ممثّلة بأكبر تجمع لها «الوفاق» خلال تجمع حاشد في منطقة سار، أول من أمس، رسالة واضحة على لسان الأمين العام للجمعية، الشيخ علي سلمان، مفادها أنّ الحوار حتمي وعلى أساس النقاط السبع التي أعلنها ولي العهد، وأن المعارضة تريد إصلاح النظام لا إسقاطه، رغم تكليف الملك رئيس مجلس النواب خليفة الظهراني «غير المرغوب فيه» من قبلها، بمباشرة هذا الحوار، بعدما كان المكلّف به قبل دخول قوات «درع الجزيرة» ولي العهد.
المحتشدون، الذين راوحت تقديرات أعدادهم بين 4 آلاف (السلطة) و25 ألفاً (المعارضة)، أكّدوا أنّهم لم يستسلموا للسلطة، رغم حملة القمع الطويلة الأمد. وأظهروا أن الحملة الأمنية لم تنجح وتحقق غايتها في إركاع الشارع لرغبة الحاكم، بل إن المهرجان أظهر أن شارع المعارضة لم يتعب، بل أصبح أكثر قوّة وإصراراً على تحقيق مطالبه.
السلطة من جهتها، استبقت المهرجان بمناورة جديدة، حيث أعلنت قبل بدء مهرجان المعارضة تفويض رئيس مجلس النواب البحريني، خليفة الظهراني، إدارة طاولة التوافق الوطني. فردّ الشيخ علي سلمان، في مقابلة مع قناة «بي بي سي»، قائلاً إن «خليفة الظهراني بما يمثّل من رئاسته لمجلس النواب مع الاحترام لشخصه، هو جزء من المشكلة وليس الحل». هكذا رفضت المعارضة حواراً يترأسه الظهراني على نحو مباشر، وأصرّت على تمسكها بطاولة حوار برئاسة ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، مشيرةً إلى أنّ اختيار الظهراني ليس إلا لعبةً مكشوفة تنمّ عن عدم جدية السلطة في البدء بحوار جاد.
في هذا الوقت، ومع تبدل موازين القوى، يرى مراقبون أن المعارضة تحاول أن تعود بالأوضاع إلى ما قبل دخول قوات «درع الجزيرة»، أما السلطة، فتحاول أن تعود بالأوضاع إلى ما قبل بدء الاحتجاجات، وهكذا تقع المشكلة بين الجهتين، لكن مصادر المعارضة تُبدي ارتياحها من الضغط الدولي المتزايد على الحكم. على ما يبدو، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا ليستا في وارد إعطاء مباركتهما لأي حوار تجريه السلطة لا يضم «الوفاق» كحد أدنى.
بدورها، تتعاطى الجمعية المعارضة بكثير من الثقة، حين تشترط أن يكون الحوار على أساس النقاط السبع. وتدعو السلطة إلى الإفراج عن المعتقلين وإعادة المفصولين كبادرة حسن نيّة لبدء الحوار، كما أنها لا تجد في سماح الداخلية بإقامة مهرجان خطابي حاشد بادرة ما، بل ترى أن الأمر أتى في السياق الطبيعي لحرية التظاهر والتجمع. ويرى الشيخ سلمان أن «مصادرة حق التظاهر هي المخالفة، وما حدث اليوم هو انسجام طبيعي مع حقوق المواطنين في التعبير عن رأيهم».
الاعتراض على دور الظهراني في الحوار لا يأتي فقط في سياق الكلام الاحتجاجي، بل أطلقت المعارضة حملة إعلامية كبيرة عليه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والظهور الإعلامي المكثف في وسائل الإعلام العربية والأجنبية، والدعوة بوضوح إلى عودة ولي العهد لإدارة الحوار.
وليس بعيداً عن مهرجان «البحرين وطن للجميع»، أصدرت محكمة السلامة الوطنية (الطوارئ) حكماً بالسجن عاماً واحداً على الشاعرة المعتقلة، آيات القرمزي (20 عاماً)، التي ألقت شعراً في دوّار اللؤلؤة هجت فيه الملك. وجرت أيضاً أولى جلسات محاكمة النائبين عن كتلة «الوفاق» المستقيلة، جواد فيروز ومطر مطر. ولم تخف مصادر «الوفاق» انزعاجها ممّا عدّته تصعيداً، مشيرةً إلى أن بدء محاكمة النائبين له دلالة واحدة أنه «لا أرضية للحوار، بل استهلاك إعلامي لأمر قد لا يحدث قريباً».
على المستوى الدولي، كان لافتاً دخول روسيا على خط الأزمة، إذ حذّرت على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف من أن تفاقم الأزمة البحرينية قد يجعلها ليبيا ثانية.