لا شك في أنّ ما تشهده ليبيا اليوم من أحداث، وما يحيط بمستقبلها من غموض، يجعل بلدان العالم تستعدّ لانعكاسات هذه الأحداث على مجالات الطاقة والنفط والاستثمار في العالم، ذلك أن ليبيا، بخلاف تونس ومصر، تُعدّ من أغنى البلدان في المنطقة العربية وفي أفريقيا، علماً بأن الناتج المحلّي الخام وربحية الميزان التجاري، ومحافظ الاستثمار الليبية، كلها ذات مستوى مرتفع وفاعلية جيّدة وتأثير لا بأس به في الأسواق العالمية.
وتنتج ليبيا 1.6 مليون برميل يومياً، وتحتلّ المركز الـ17 بين أكبر منتجي النفط في العالم، وهي ثاني أكبر بلد منتج في أفريقيا بعد نيجيريا، وتحوز أكبر احتياطيات من النفط الخام في القارة الأفريقية.
وتعتمد ليبيا في تصدير نفطها على ستة مرافئ رئيسية، منها خمسة مرافئ في الجزء الشرقي من البلاد حيث اندلعت الاحتجاجات بالقرب من بنغازي ثانية كبرى مدن ليبيا. وصدّرت المرافئ الخمسة الشرقية، السدرة ومرسى البريقة وراس لانوف وطبرق والزويتية، 825 ألف برميل يومياً من النفط الخام في المتوسط في الأشهر الأربعة الأخيرة. وصدّر مرفأ الزاوية الغربي بالقرب من العاصمة طرابلس 251 ألف برميل يومياً في المتوسط خلال الفترة نفسها.
وتؤكّد مصادر عالمية متعددة أن تصدير النفط الليبي قد تأثّر بمجريات الأحداث التي تشهدها الكثير من المناطق في الجماهيرية، إذ توقف إنتاج 100 ألف برميل يومياً على الأقل، أي ستة في المئة من إجمالي الناتج ليبيا منذ بداية الاضطرابات. وتصدّر ليبيا كميات كبيرة من النفط، يتّجه أكثر من 85 في المئة منها إلى أوروبا، بينما يتجه نحو 13 في المئة إلى آسيا. ويتجه نحو 32 في المئة لإيطاليا و14 في المئة لألمانيا و10 في المئة للصين وفرنسا و5 في المائة للولايات المتحدة. ويقدّر استهلاكها المحلي بنحو 270 ألف برميل نفط يومياً فقط.
وتقع معظم حقول النفط الليبية داخل وحول حوض سرت الذي يحوز نحو 80 في المئة من الاحتياطيات المؤكدة للبلاد، وهناك مناطق أخرى مهمة، بينها غدامس وبرقة. كذلك في ليبيا خمس مصاف تبلغ طاقتها الإجمالية 378 ألف برميل يومياً، وهي الزاوية والسرير وسرت وطبرق وراس لانوف.
ونتيجة للمداخيل المهمة التي يوفّرها قطاع النفط للخزينة، وما تكدّس بموجبه من سيولة نقدية وأسهم وثروة حقيقية باتت ليبيا المستثمر رقم ثلاثة في أفريقيا بعشرة مليارات دولار، بعد كل من الصين بستة وستين مليار دولار والسعودية بخمسة وعشرين مليار دولار.
وأحد أكبر المشاريع التي تموّلها ليبيا في أفريقيا هو بلا شك في قطاع الاتصالات، من خلال ملكيتها لستين في المئة من رأس مال شركة يوراسكوم، وهو مشروع يمكّن أكثر من 130 ألف قرية ومدينة وحيّ من التمتّع بخدمة الاتصالات.
كذلك تشمل الاستثمارات الليبية، في أفريقيا خاصة، الزراعة والصيد البحري في غرب أفريقيا، وتوليد الطاقة في الكونغو وغينيا بيساو، والطاقة الغازية في ساحل العاج، وموانئ المياه العميقة والسكك الحديدية في كل من غينيا بيساو والكونغو والسودان ومالي وغينيا، ومحطات تكرير النفط في غرب أفريقيا، ومصانع الإسمنت في مالي والنيجر والتشاد، ومشاريع زراعية كبرى للأرز والذّرة في موزمبيق ومالي وغينيا.
وتحتلّ القطاعات السياحية والفندقية والخدمية حيّزاً مهماً من اهتمامات الاستثمار الليبي، ذلك أن ليبيا تمتلك أكثر من خمسة وعشرين فندقاً ومنتجعاً وقرية سياحية في أفريقيا، لعلّ أهمها برج الفاتح في الخرطوم، وفندق ليبيا في انجامينا، وفندق أفريقيا في نيامي، وغيرها من الفنادق عالية الطراز في غرب أفريقيا ووسطها.