غزة| تسعى حركة «حماس» إلى تثبيت حالة «التهدئة الداخلية» من خلال التوافق مع فصائل المقاومة، بهدف تجنيب قطاع غزة أي عدوان محتمل، في ظل تهديدات إسرائيلية متنامية. وشهدت غزة خلال الساعات القليلة الماضية «توتراً» ملحوظاً، بعدما قتل جندي إسرائيلي وأصيب آخرون مساء الجمعة الماضي، خلال اشتباكات مسلحة مع مقاومين فلسطينيين، فضلاً عن إصابة أربعة أشخاص أول من أمس، بينهم ثلاثة عمال أجانب وسائق شاحنة إسرائيلي، في إطلاق صواريخ على منطقة النقب الغربي.
ولوّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال اجتماع وزراء حزب «الليكود»، بتوجيه ضربات عسكرية شديدة إلى قطاع غزة. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن نتنياهو قوله إنّ ثمة «تقطيراً متصاعداً من جانب قطاع غزة، وسنضطر خلال الأسبوع الحالي إلى التعبير عن رأي حيال ذلك»، في إشارة إلى اتخاذ قرار بشنّ هجمات شديدة.
من جهته، هدد النائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي سيلفان شالوم، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، بأنه في حال استمرار تصعيد الموقف على الحدود مع قطاع غزة، «فليس من المستبعد أن يخوض الجيش عملية عسكرية جديدة تشبه عملية الرصاص المصهور إذا اقتضت الضرورة ذلك». لكنه عاد ليقول إنه «ما من أحد معني بمثل هذا التطور»، غير أن إسرائيل سترد على «الاعتداءات» الصاروخية الفلسطينية بطريقة أكثر «صرامة» إذا اقتضت الضرورة، مبيناً أن جميع الاحتمالات واردة بالحسبان.
وحضّ رئيس مجلس «أشكول» الإقليمي في النقب الغربي، حاييم يالين، الحكومة الإسرائيلية على التحرك لوقف عمليات إطلاق الصواريخ من غزة. وقال للإذاعة الإسرائيلية إن «الحكومة لا تعمل ما فيه الكفاية للتصدي للاعتداءات الصاروخية الفلسطينية»، مشيراً مع ذلك إلى أن سكان المنطقة لا يشعرون كأن الحكومة تهملهم.
وفي وقت سابق، أعلن ضابط رفيع المستوى في جيش الاحتلال أن هناك «تآكلاً معيناً» في ترتيبات وقف إطلاق النار على حدود قطاع غزة، «غير أن عامل الردع الإسرائيلي لا يزال قائماً». وأضاف أن حركة «حماس» تحاول منع إطلاق النار على إسرائيل، «لكنها تواجه صعوبات في كبح جماح الآلاف من أفرادها، كذلك فإنها تتغاضى أحياناً عن نشاطاتهم».
في المقابل، أكد القيادي في حركة «حماس» أيمن طه أن «حماس» تسعى إلى سحب أي ذرائع من إسرائيل لشنّ حرب جديدة على غزة، من خلال اتصالات تجريها مع الفصائل المعنية «ضمن حالة الوفاق الداخلية». واتهم إسرائيل بـ«خلق الذرائع» لشنّ تصعيد عسكري جديد على قطاع غزة، مؤكداً أن «حماس» تسعى في المقابل بكل جهد إلى تجنيب القطاع وسكانه أي عدوان إسرائيلي جديد.
في الوقت نفسه، شدد طه على أن «حماس» وفصائل المقاومة لا تخشى التصعيد الإسرائيلي في حال حدوثه، وستعمل بكل جهد لصده والدفاع عن الشعب الفلسطيني.
وكانت «كتائب عز الدين القسام»، الذراع العسكرية لحركة «حماس»، قد رهنت قبل أيام استمرار التهدئة في غزة بوقف التصعيد العسكري الإسرائيلي على القطاع. وقال المتحدث باسم «كتائب القسام»، أبو عبيدة، إن الكتائب «تسعى إلى تجنيب الشعب الفلسطيني الحرب والعدوان»، مستدركاً بقوله: «لكن إذا فرض العدو المواجهة، فنحن سنقاوم بكل ما أوتينا من قوة مهما كلف الأمر، والصهاينة سيدفعون ثمن أي جريمة غالياً».
وشنت إسرائيل حرباً شرسة أطلقت عليها «الرصاص المصهور» قبل نحو عامين، استمرت 22 يوماً، بهدف وقف عمليات إطلاق الصواريخ التي تراجعت فعلاً عقب تهدئة غير معلنة توصلت إليها «حماس» عبر وساطة مصرية إثر توقف الحرب مطلع عام 2009.
لكن الحركة الإسلامية التي تحكم قبضتها على غزة منذ انتصارها قبل ثلاثة أعوام على حركة «فتح» تواجه صعوبة كبيرة في السيطرة على مجموعات مسلحة صغيرة بعضها تتبع للجماعات السلفية، ترفض التهدئة وتصر على إطلاق الصواريخ.
إلى ذلك، يحقق جيش الاحتلال في حادثة مقتل الجندي ناداف روتنبرج (20 عاماً) خلال اشتباكات مسلحة مع مقاومين فلسطينيين قرب السياج الحدودي وسط القطاع. وكانت مصادر جيش الاحتلال قد أعلنت في حينه أن الجندي قتل بـ«نيران صديقة».
وأصيب في الحادثة نفسها أربعة جنود، بينهم اثنان في حال الخطر.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن النتائج الأولية للتحقيق أظهرت أن عطلاً فنياً أدى إلى تحويل مسار قذيفة لتضرب الجنود بدلاً من المسلحين.
وأعلنت كتائب المقاومة الوطنية، الذراع العسكرية للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، مسؤوليتها عن الاشتباك المسلح وإطلاق قذائف هاون.