رأت موسكو أن التوصل الى حل سياسي لتسوية النزاع في سوريا لا يزال ممكناً، مشيرة في الوقت نفسه الى تعذر إقناع الرئيس بشار الأسد بالتنحّي عن السلطة، فيما كشف الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي أن لديه «مقترحاً» للخروج من الأزمة، محذّراً من «الصوملة».

وشدد الإبراهيمي على ضرورة تكثيف الجهود لإيجاد حل سياسي في سوريا لتجنّب «الجحيم»، قائلاً «إذا كان لا بد من الاختيار بين الجحيم والحل السياسي، يتعيّن علينا جميعاً أن نعمل بلا كلل من أجل حل سياسي». إلا أنه أضاف «من وجهة نظري، المشكلة هي أن تغيير النظام لن يؤدي بالضرورة الى تسوية الوضع». وقال «الوضع في سوريا سيّئ وسيّئ جداً جداً ويتفاقم ووتيرة التفاقم تزداد»، مشيراً الى أن «الناس تتكلم عن أن سوريا تنقسم الى عدة دويلات... أبداً مش هذا اللي هيحصل اللي هيحصل صوملة. أمراء حرب».
وقال الإبراهيمي، في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي في القاهرة، «إذا كان خمسون ألفاً قتلوا خلال ما يقرب من عامين، فإن الأزمة إذا استمرت لا قدّر الله سنة أخرى سيقتل 100 ألف»، مجدداً التحذير من أنه «إما الحل السياسي أو الجحيم».
وقال الإبراهيمي إن لديه «مقترحاً» للخروج من الأزمة السورية «يمكن أن يتبنّاه المجتمع الدولي»، موضحاً أن هذا المُقترح يستند الى إعلان جنيف الصادر في حزيران 2012، وأنه أجرى محادثات بشأنه في سوريا ومع وزيري خارجية روسيا لافروف والولايات المتحدة هيلاري كلينتون. وأضاف أن هذا المقترح «يتضمن وقف إطلاق النار وتشكيل حكومة كاملة الصلاحيات وخطوات تؤدي الى انتخابات؛ إما رئاسية أو برلمانية، وأُرجّح أن تكون برلمانية، لأن السوريين سيرفضون النظام الرئاسي».
ونص اتفاق جنيف الذي توصلت إليه «مجموعة العمل حول سوريا» (الدول الخمس الكبرى وتركيا والجامعة العربية) برعاية الموفد الدولي السابق الى سوريا كوفي أنان في حزيران، على تأليف حكومة انتقالية وبدء حوار، من دون أن يأتي على ذكر تنحّي الأسد.
في غضون ذلك، نقلت وكالة «سانا» السورية الرسمية عن نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف قوله «إن المباحثات مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا الأخضر الابراهيمي أظهرت وجود فرصة للحل السياسي للأزمة فيها».
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن غاتيلوف قوله، في تعليق على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي، «إن الإبراهيمي مستعد لمواصلة مهمته المكوكية لحل الأزمة في سوريا وإجراء لقاءات في إطار ثلاثي يجمع كلاً من روسيا والولايات المتحدة والإبراهيمي»، مضيفاً أن هذا اللقاء قد يجري في كانون الثاني المقبل.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال، بعد محادثات مع الإبراهيمي أول من أمس في العاصمة الروسية موسكو، «نحن مجمعون على القول إن فرص التوصل الى حل سياسي لا تزال متوافرة». وأضاف أنه يتعذّر إقناع الأسد بالتنحّي عن الحكم، الأمر الذي تطالب به دول غربية وعربية، وخصوصاً المعارضة السورية، مشيراً إلى أن «الأسد قال مراراً إنه لا ينوي الذهاب الى أي مكان، وإنه سيبقى في منصبه حتى النهاية... وليس ممكناً تغيير هذا الموقف».
من ناحية أخرى، قال لافروف إنه «فوجئ» برفض الائتلاف السوري المعارض المشاركة في موسكو في مفاوضات لتسوية الأزمة.
واعتبر لافروف رفض الائتلاف التحدّث مع القيادة السورية «موقفاً يعني طريقاً مسدوداً»، منتقداً رئيس الائتلاف أحمد معاذ الخطيب لرفضه دعوة لإجراء محادثات في روسيا. وأضاف «في نفس المنتدى ذكروا أن الائتلاف يرفض أي حوار مع ممثلي النظام السوري. نحن مقتنعون بأن هذا الموقف لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور في الوضع. المعارضة الخارجية الممثلة في الائتلاف الوطني لن يكون لها أي تأثير من أي نوع على تطور الصراع المسلح داخل سوريا».
وكان الخطيب قال يوم الجمعة الماضي «لن نذهب الى موسكو. يمكن أن نجتمع في دولة عربية حصراً، على أن يكون هناك جدول أعمال واضح». ودعا موسكو إلى «الاعتذار» لتدخلها في الشؤون السورية الداخلية ولعدم إدانتها النظام السوري.
وفي عمان، استقبل وزير الخارجية الأردني ناصر جودة، أمس، رئيس وزراء سوريا السابق رياض حجاب، الذي أعلن انشقاقه الصيف الماضي، وبحث معه آخر تطورات الأوضاع في سوريا»، حسبما أفاد مصدر رسمي أردني. وأوضحت وكالة الأنباء الأردنية أن جودة بحث في مقر الوزارة مع حجاب «آخر المستجدات والتطورات على الساحة السورية والجهود المبذولة لإيجاد حل سياسي للأزمة والتعامل مع تداعيات الوضع في سوريا».
وأعرب جودة خلال اللقاء عن «دعم الأردن للجهود والمهام الجسيمة التي يضطلع بها حجاب ودوره الهام في إطار الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارض والذي يشكل خطوة مهمة في طريق التحول السياسي في سوريا».
من جهته، أكد حجاب المقيم في عمان أن «مواقف الأردن المشرفة، ملكاً وحكومة وشعباً، ومنها احتضان الأردن له واستقبال أبناء الشعب السوري وإيواؤهم في هذه المحنة التي تمر بها سوريا له عظيم الأثر في نفس كل سوري»، معرباً عن أمله بأن «تنتهي هذه المحنة ويعود السوريون الى بلادهم وأن تنعم سوريا بالأمن والاستقرار». إلى ذلك، أعلنت الأمم المتحدة أن اجتماعاً للجهات المانحة لسوريا سيعقد في 30 كانون الثاني برئاسة أمينها العام بان كي مون في الكويت لجمع مزيد من المساعدات الانسانية للمدنيين السوريين. وذكّرت الأمم المتحدة بأن وكالاتها بحاجة الى 1,5 مليار دولار لتوفير التمويل الكافي حتى حزيران المقبل لمساعدة ما يصل الى مليون لاجئ سوري الى جانب أربعة ملايين آخرين تضرروا في النزاع لكنهم لم يغادروا بلدهم.
(رويترز، أ ف ب)