نشرت صحيفة «هآرتس»، أمس، فحوى وثيقة رسمية أميركية ترسم معالم الوضع العالمي حتى عام 2030، كما تتوقعه أجهزة الاستخبارات الأميركية بناءً على دراستها لمعطيات الواقع الراهن وتحليل مساراته المفترضة. وهذه الوثيقة التي تحمل عنوان «ميول العالم 2030 ــ عوالم بديلة» هي ثمرة عمل المجلس الوطني للاستخبارات الأميركية.
وتنقسم الوثيقة إلى عدة أجزاء يُعنى أحدها بالشرق الأوسط، حيث تتوقع أن تنشأ حتى عام 2030 دولة فلسطينية في حدود 1967 مع تبادل للأراضي، لكن من دون حل الخلافات حول القدس واللاجئين وتجريد الضفة الغربية من السلاح. ويرى معدّوها أنّ «النزاع (الفلسطيني الإسرائيلي) لن يُحل حتى عام 2030»، لكن «التقدم نحو دولة فلسطينية سيحصل خطوة خطوة، بشكل أحادي الجانب».
وبرغم ذلك، يعتبرون أن حل النزاع من شأنه أن يؤثر بدرجة بعيدة المدى على المنطقة في العقدين القادمين، حيث «سيفتح لإسرائيل أبواباً لعلاقات إقليمية لا يمكن اليوم تصورها، وسيشكل هزيمة استراتيجية لإيران ولمعسكر المقاومة وسيقضم مع الوقت التأييد الجماهيري لحزب الله وحماس». أما من دون حل، فستصبح إسرائيل «معنية أكثر فأكثر بمساعي السيطرة على السكان الفلسطينيين وبالاضطرابات في غزة المجاورة». ورأت الوثيقة أنه «كلما انقطعت حماس عن سوريا وايران وعادت الى حضن العالم السني، سيزداد احتمال المصالحة بين السلطة في رام الله وحماس في غزة». وفي ما يتعلق بالوضع الإسرائيلي الداخلي، يتوقع الباحثون في الاستخبارات الأميركية توترات متزايدة بين مؤيدي المجتمع المدني العلماني وبين الأصوليين والمستوطنين، يمكن أن تصل حتى عام 2030 إلى صدام داخلي.
وعلى المستوى الإقليمي، تجزم الوثيقة أنّ إسرائيل ستبقى القوة العسكرية الأولى في المنطقة، رغم أنّها ستواجه تهديدات مستمرة من قوى دونية، فضلاً عن النووي الإيراني. وترى أنّه مع انسحاب القوات الأميركية من العراق، ولاحقاً من أفغانستان، فإن تأييد واشنطن لإسرائيل سيبقى «البؤرة المركزية الأخيرة للغضب الإسلامي» تجاه الولايات المتحدة.
ويرجح معدّو الوثيقة أنه بسبب الضعف المتواصل للدول العربية، ستستمر الدول غير العربية في المنطقة، تركيا، ايران واسرائيل، بأداء دور مركزي. ويبدون تفهماً كبيراً لخلفية نشاط النظام الإسلامي في طهران، ومع ذلك فهم يرون أنه إذا ما نجح هذا النظام في البقاء وفي تطوير سلاح نووي، فإنّ مستقبلاً غير مستقر ينتظر المنطقة، بما في ذلك إمكانية الحرب بين إيران والسعودية وانتشار السلاح النووي نحو السعودية وتركيا والإمارات ومصر والأردن.
لكن الوثيقة لا تستبعد من جهة أخرى سيناريو إيرانياً «جيداً» يتحقق من خلال اضطرابات اقتصادية تؤدي إلى صراعات داخلية وسط القيادة وتظاهرات شعبية تقود إلى إسقاط النظام «وتحول إيران إلى دولة أكثر ديموقراطية وتأييداً للغرب»، وتفضي إلى استقرار المنطقة.
على المستوى الدولي، يميل معدّو الوثيقة إلى تأبين الغرب الذي يوجد في مسار انحداري، ويتحدثون عن الاستعداد لعودة الشرق إلى موقع الصدارة بعد نحو 500 عام من حقبة الازدهار السابقة له. وضمن هذا السياق، من المتوقع أن تكون الولايات المتحدة في العام 2030 «الأولى بين متساوين» في النظام العالمي، في ظل التحرر من تعلقها بمصادر أجنبية للطاقة. لكنها، كما الصين التي سيتجاوز اقتصادها الاقتصاد الأميركي بعد نحو 15 عاماً، لن يتمتعا بمكانة «قوة عظمى مسيطرة»، كون القوة العالمية ستتوزع بين بؤر مختلفة.