واصل كبار المسؤولين الروس اتهام «الغرب» بمفاقمة الأزمة السورية، في حين صرّح الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بأن بلاده تسعى إلى تشكيل مجموعة اتصال جديدة حول النزاع في سوريا. واعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنّ الغربيين بثوا «الفوضى» في سوريا، وأنّه «لا يمكنهم التوقف» رغم تحذيرات روسيا. وأضاف بوتين «لقد قلنا فعلاً إنّه يجب التحرك بحذر، وعدم فرض أيّ شيء بالقوة تحت طائلة نشر الفوضى. وما الذي نراه اليوم؟ الوضع يشبه كثيراً الفوضى». بدوره، حمّل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الدول التي تشجّع المعارضة السورية على رفض وقف النار والحوار، والإصرار على تنحّي الرئيس بشّار الأسد، مسؤولية استمرار ما وصفه بـ«حمّام الدم» في سوريا. وقال لافروف، في مقابلة صحافية، إنّ ما يجري في سوريا «حرب أهلية تأخذ أبعاداً دولية أكثر فأكثر، لأنّ بعض الدول تصرّ على أنّه قبل بدء الحوار يجب أن يتنحّى الرئيس بشار الأسد، والجيش الحرّ الذي يهيمن عليه الإخوان المسلمون ليس القوة الوحيدة التي تقاتل النظام، كما أن هناك عناصر تابعة للقاعدة ومجموعات إرهابية أخرى».
وجدّد لافروف تأكيده على أن اتفاقيات جنيف يجب أن تكون القاعدة لأيّ حلّ في سوريا، داعياً الأطراف التي شاركت في الاجتماعات إلى أن تلتزم بما وقعته، لكنه انتقد بعض الدول الغربية «التي تدين التفجيرات الإرهابية في سوريا، ولكن تقول إنه على الرغم من أن الإرهاب أمر شرير إلّا أنه لا يوجد سبيل آخر أمام الشعب لقلب النظام، وهذا موقف خطير لأنه يبدو وكأنّه تبرير للإرهاب»، فيما أشار إلى أنّ «(الرئيس السوري بشار) الأسد هو المسؤول عن معظم الأزمة في سوريا، وأنّه تجاهل نصائح جيدة من قبل دول في المنطقة وروسيا والصين، ولكن لا يمكننا أن نتجاهل أنه يقاتل أناساً مسلحين». وأكّد أن روسيا لا تحمي الرئيس الأسد ولا تقدّم له اللجوء، مشيراً إلى أنّه في حال قرّر الأسد الرحيل فهذا «سيكون قراره. لكننا لن نقول له إرحل. ليس لأننا نعتبر أنه لا بديل عنه. لا أبداً على الإطلاق. الشخصيات غير مهمة بالنسبة لنا ما دامت سوريا ديموقراطية وحرة ومريحة بالنسبة للأقليات».
من ناحيته، أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أنّ طهران تسعى إلى تشكيل مجموعة اتصال جديدة حول النزاع في سوريا. وقال، خلال مؤتمر صحافي، «نؤمن أنّه من خلال الحوار الوطني والتوافق يمكن لاطراف النزاع في سوريا التوصل إلى حلّ متين لا يكون مؤقتاً». وأضاف «بالتالي نريد أن نمهّد لبدء حوار وتفاهم وطنيين بين الجانبين، ونبذل جهوداً لتشكيل مجموعة اتصال من دول مختلفة». واتهم «قوى خارجية» بالتدخل في سوريا من دون تسميتها. وحذّر من أن التدخل الخارجي قد يفضي إلى «نتائج على الأجل القصير لكنّه سيشيع الفوضى وانعدام الاستقرار في سوريا لعقود».
وتابع نجاد أنّ «النسيج الاجتماعي في سوريا لا يسمح بأن تضع مجموعات قبلية اليد على السلطة من خلال شنّ حروب. وإذا حصل ذلك فسيكون هناك نزاعات جديدة». وشدّد أحمدي نجاد على أنّ بلاده تسعى إلى احلال السلام. وقال «آمل ان يتوصل كل الذين يدقون طبول الحرب الى فهم الظروف الدقيقة في سوريا. وكذلك الدول الاوروبية والولايات المتحدة».
في موازاة ذلك، قال المراقب العام للاخوان المسلمين في سوريا، محمد رياض الشقفة، أنّ الفيتو الروسي ليس «سوى ذريعة» لقوى العالم كيْ لا تساعد السوريين على اطاحة الرئيس بشار الأسد الذي «سيسقط حتى دون مساعدة».
وكرّر الشقفة، في حديث لوكالة «فرانس برس»، النداءات للمجمتع الدولي لتزويد المعارضة السورية بصواريخ مضادة للطائرات لصدّ الهجمات الجوية وقاذفات مضادة للدروع.
إلى ذلك، بحث عدد من الدول العربية، في لقاءات على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، شروط تدخل عسكري «عربي» محتمل في سوريا. وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي عن أسفه لأنّ «مجلس الأمن فشل مرة جديدة في تحقيق أهداف بسبب الخلافات بين الدول الاعضاء الدائمة العضوية فيه». كما عقد وزراء خارجية الدول الاعضاء في الجامعة العربية اجتماعاً مغلقاً بحثوا فيه سبل التحرك، وجرت مناقشات بين مسؤولين عرب والموفد الخاص للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي.
فيما طالب الرئيس التونسي المنصف المرزوقي بإرسال قوة حفظ سلام عربية إلى سوريا. ودعا المرزوقي، في كلمته أمام الجمعية العامة إلى «تدخّل إنساني عاجل لإغاثة الشعب السوري ولرحيل بشار الأسد ونظامه، ولبعث قوة حفظ سلام عربية تسهر على تأمين المرحلة الانتقالية التي نرجو أن تفضي إلى دولة ديموقراطية ومجتمع تعددي ومتعايش».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)