الخرطوم | رغم أن الهجمات المسلحة في إقليم دارفور ليست بالجديدة ولا الغريبة على الإقليم، لكنها في الآونة الأخيرة بدأت تأخذ طابعاً مختلفاً باستهداف مسؤولين حكوميين وقادة قبليين، الأمر الذي كانت له ردات فعل أكثر عنفاً وقتلاً وتشريداً. وفي السياق، جاء القرار الذي أصدره والي شمال دارفور، عثمان محمد يوسف كبر، قبل أيام، القاضي بفرض إجراءات طوارئ إضافية خاصة في محليتي كتم والواحة، في محاولة لمنع تكرار الأحداث الدامية التي وقعت عقب اغتيال معتمد محلية كتم في الأول من آب الماضي.
وفور محاولة الاغتيال التي تعرض لها المعتمد الجديد لكتم يوم الثلاثاء الماضي، والتي أدت إلى مقتل سبعة أشخاص وجرح أحد عشر آخرين، سارعت الحكومة السودانية إلى تعيين مشرف عسكري على محليتي كتم والواحة برتبة عميد في الجيش السوداني، كما سحبت المكونات الشرطية والعدلية في المنطقة الواقعة شمال الإقليم، إضافةً إلى إغلاق المدارس ضمن إجراءات مشددة طاولت حتى منع ارتداء «الكدمول»، وهو قناع اشتهر رجال المنطقة بارتدائه منذ القدم، ويخفي ملامح الوجه عدا العينين.
وكانت السلطات السودانية قد فرضت حالة الطورائ في إقليم دارفور منذ عشر سنوات، تاريخ تفجر الأزمة في إقليم دارفور، لكنها لم تصل إلى حد تعيين حكام عسكريين خارج الإطار السياسي.
وفيما رفض مسؤولو الإعلام برئاسة ولاية شمال دارفور التعليق على الإجراءات التي فرضت في المنطقة، باعتبارها أصبحت عسكرية وأمنية، أكد الجيش السوداني أن الأوضاع في شمال دارفور تحت السيطرة تماماً، بعد تولي الجيش مهام إدارة المنطقة في كتم والواحة. وعزا المتحدث باسم الجيش السوداني، الصوارمي خالد سعد، لـ«الأخبار» «حالة الاستقرار» في شمال دارفور «للتدخل السريع من قبل والي الولاية وتخويل القيادة العسكرية في المنطقة إدارة شؤون المحليتين».
وتحدثت مصادر حكومية لـ«الأخبار» عن احتمال تعميم تجربة الإدارات العسكرية في مناطق أخرى بإقليم دارفور، بعد النجاح السريع الذي حققته الإجراءات الأخيرة في عدم تكرار تجربة الشهر الماضي، عقب مقتل المعتمد السابق لكتم.
من جهته، رأى المحلل عبد المنعم أبو إدريس أن معالجة تفاقم الأوضاع في شمال دارفور لا يتم عبر فرض إرادة عسكرية فحسب، بل يحتاج إلى اجتثاث الأزمة من جذورها، بعقد مصالحات قبلية وسحب سلاح الميليشيات المنتشرة في المنطقة. وذكّر أبو إدريس بالهجمات التي تعرضت لها معسكرات النازحين في المنطقة الشهر الماضي، عقب مقتل معتمد محلية كتم. الأمر الذي أدى إلى مقتل المئات حسب تقارير محلية، وتشريد أكثر من خمسة وعشرين ألفاً من السكان المحليين، حسب تقارير للبعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي «يوناميد» في دارفور.
ورغم توقيع الحكومة السودانية اتفاق سلام في العاصمة القطرية الدوحة في تموز من العام الماضي، مع عدد من الحركات المتمردة في الإقليم، إلا أن الإقليم لا يزال يشهد أوضاعاً أمنية غير مستقرة. ولا تزال حركات كبرى تقاتل الحكومة في إقليم دارفور، أبرزها العدل والمساواة وجيش تحرير السودان وحركة تحرير السودان.