القاهرة | في زيارة هي الأولى من نوعها، أجرى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مباحثات ثنائية مع رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، في العاصمة البريطانية لندن، على أن يختتم اليوم جولاته التي التقى خلالها عددا كبيرا من المسؤولين البريطانيين بالإضافة إلى نواب في مجلس العموم. ومن المسؤولين الذين التقاهم وزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية، بالإضافة إلى رئيس البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، الذي اعتمد محافظوه مصر كدولة عمليات مؤخراً، وأيضا المدير التنفيذي لشركة «بريتش غاز».
كذلك كان هناك لقاء مع عدد من أعضاء «المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية»، الذين أكد لهم السيسي أن «النزاع الفلسطيني ــ الإسرائيلي سيظل أحد المنابع الأساسية لانعدام الاستقرار في المنطقة، لذا يجب تسوية القضية على أساس عادل». وأضاف لهم في شأن آخر: «الشرق الأوسط لن يعود كما كان فقد تعرضت المنطقة منذ سنوات لتطورات سياسية متلاحقة غير قابلة للتراجع، ولها تداعيات ضخمة»، متابعا: «الدولة الوطنية لم تسقط ولكن ستعاد صياغة العقد الاجتماعي. لكن لن تعاد صياغة المنطقة برغم الصعود المتنامي لتيارات عنيفة ومتطرفة تريد أن تفرض رؤيتها الإجرامية مستترة بعباءة الدين الإسلامي وهو منها بريء».
القضية الأساسية التي تحدث عنها الرئيس المصري هي «متانة العلاقة التي تربط مصر ودول الخليج»، وهي علاقة «تمتلك طابعاً سياسياً وإستراتيجيا غير قابل للانفصام على أن تكون معطيات تعامل أي أطراف مع الوضع الإستراتيجي القائم بالفعل للإقليم». ولتشجيع الاستثمار في بلاده شدد على التزام القاهرة آليات السوق الحرة وتوفير بيئة مناسبة لمجتمع المال والأعمال «مع تشجيع الاستثمار وتطوير البنية التشريعية للقضاء على البيروقراطية والفساد».
أما في المؤتمر المشترك مع ديفيد كاميرون، فقال السيسي إنه على ثقة بأن التعاون بين مصر وبريطانيا سيحقق المصلحة المشتركة للبلدين، وهذا ما يتيح «لنا في المستقبل القريب تدعيم شراكة تجارية استثمارية واسعة النطاق».

اعتدى أنصار «الإخوان»
على الوفد الإعلامي
المرافق للسيسي

في المقابل، أعرب كاميرون عن أن بلاده مستعدة لمساعدة القاهرة في دعم النمو والتنمية، وخاصة أن بلاده أكبر مستثمر أجنبي في مصر، كما أشار إلى أن مباحثاته مع السيسي ناقشت ملفات أخرى منها القضية السورية ومشكلة اللاجئين، بالإضافة إلى الأوضاع في ليبيا.
وفي الشأن المحلي المصري، بدا كاميرون أكثر وضوحاً حينما قال: «في ما يتعلق بمراجعتنا لنشاطات الإخوان ناقشنا ذلك اليوم، وسينشر في وقت لاحق هذا العام». وأضاف: «أعتقد أنكم سترون، كما ترون بالفعل في بريطانيا، نهجا أكثر صرامة في مواجهة التطرف... التطرف بكافة أشكاله، وضد هؤلاء المتطرفين الذين لا يصلون إلى حد تأييد العنف»، في إشارة إلى المطالبة المصرية بحظر نشاطات الجماعة في الأراضي البريطانية.
وقال كاميرون: «هناك مليون سائح بريطاني يقضون عطلاتهم في شرم الشيخ»، لافتا إلى أن بلاده تعمل مع الجانب المصري لمعرفة ملابسات حادث الطائرة الروسية كي تعود الأمور إلى مسارها الطبيعي في أقرب فرصة ممكنة.
وبينما كان السيسي يحاول حصد ثمار من زيارته، نظم مؤيدوه وقفات داعمة له أمام مقر إقامته في لندن وأمام مقر الحكومة، فيما فرضت أجهزة الأمن إجراءات مشددة على مقر إقامته بعدما استقبله المعارضون بتظاهرات احتجاجية فور وصوله وتنقله. كما تعرض الوفد الإعلامي المصاحب للرئيس لاعتداءات من أنصار «الإخوان المسلمين» خلال وقوفهم أمام مقر الحكومة البريطانية، فيما أوقفت الشرطة شاباً حاول الاعتداء على الإعلامي أحمد موسى خلال ظهوره على الهواء من شوارع لندن.
وقال أحد مرافقي السيسي، لـ«الأخبار»، إن إجراءات الأمن التي اتخذتها السلطات البريطانية لتأمين مؤيدي الرئيس «كانت ضعيفة مقارنة بالتقارير الأمنية التي قدمت قبل وصول السيسي وتفيد بتجمع المئات من المعارضين»، مؤكداً أن السلطات المصرية ستكون حريصة على متابعة نتائج التحقيقات مع من ألقي القبض عليهم ومتابعة ما يمكن اتخاذه وفقاً للقوانين الإنكليزية. وأضاف: «أعضاء الإخوان دفعوا أموالا لمواطنين عرب من أجل المشاركة في التظاهرات لإظهار عدد أكبر».
على المستوى القضائي، وفي سابقة هي الأولى من نوعها، أجلت محكمة النقض ــ أعلى جهة قضائية ــ جلسة محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك في اتهامه بقتل المتظاهرين حتى 21 كانون الثاني المقبل، مع اتخاذ قرار بنقل المحاكمة من مقر دار القضاء العالي وسط القاهرة إلى أكاديمية الشرطة في القاهرة الجديدة، لدواع أمنية، مع تأكيد الشرطة صعوبة نقل مبارك إلى المحكمة بسبب سوء الأحوال الجوية وحاجته إلى الانتقال بواسطة طائرة هليكوبتر لا سيارة عادية، في ظل أنه لا يوجد مهبط للطائرات في محيط المحكمة.
وتتصدى محكمة النقض للجولة الأخيرة من محاكمة مبارك بقتل المتظاهرين السلميين خلال «ثورة 25 يناير»، فيما دفع محاميه فريد الديب بانتفاء الاتهام استناداً إلى براءة وزير داخليته اللواء حبيب العادلي من الاتهام نفسه أمام القضاء، مطالباً ببراءة موكله من الاتهامات الموجهة إليه.
في الوقت نفسه، قررت محكمة جنايات القاهرة ندب عشرة محامين للدفاع عن بعض المتهمين في قضية تنظيم «أنصار الشريعة» التي يحاكم فيها 23 متهما بقتل ضباط وأفراد الشرطة واستهداف منشآت القوات المسلحة، وأجلت القضية إلى جلسة 16 تشرين الثاني لتغيب عدد من المحامين الأصليين عن حضور جلسات المحاكمة للمرة الثانية على التوالي.
إلى ذلك، تواصلت العواصف التي تضرب المدن الساحلية لليوم الثالث على التوالي، وارتفع عدد الضحايا خلال نوة «المكنسة» إلى 12 شخصا غالبيتهم قضوا نتيجة صعقهم بالكهرباء بعد انهيار البنية التحتية في أكثر من مكان، وانهيار عشرات المنازل وخاصة في القرى الصحراوية في محافظة البحيرة التي غرقت بعضها بالكامل. وتدخلت القوات المسلحة لإنقاذ المقيمين فيها بعدما تسببت غزارة الأمطار في انهيار الطرق.
وأعلنت محافظتا الإسكندرية والبحيرة حالة الطوارئ، فيما بلغت الخسائر عشرات الملايين من الجنيهات بسبب تدمير الآف الأفدنة الزراعية، وسط انتقادات حادة للحكومة لعجزها مجددا عن إدارة الأزمة. كما طالب المسؤولون التنفيذيون المواطنين بضرورة التزام منازلهم، فيما حصل العاملون في الأجهزة الحكومية على عطلة أمس، مع تصاعد الأصوات المطالبة باتخاذ إجراءات حاسمة مع المسؤولين المقصرين وخاصة أن هيئة الأرصاد الجوية حذرت من كثافة الأمطار قبل هطولها بعدة أيام.