تونس | أصيب المشهد السياسي في تونس بالجمود والشلل، منذ التطور المفاجئ والصراعات داخل حركة «نداء تونس» ــ الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية والرئاسية، وحزب الرئيس الباجي قائد السبسي ــ واتجاهها نحو الانقسام، خصوصاً بعد إعلان 32 من 89 نائباً تجميد عضويتهم داخل الحزب، مع التلويح باستقالتهم، إذا تواصل الوضع على ما هو عليه داخل الحزب، الذي يشهد انقسامات عميقة.
ويدور الصراع في الحزب حول التموضع بين شقين: الأول يتزعمه الأمين العام لحركة «نداء تونس» محسن مرزوق، فيما يتصدر الشق المناهض له أو ما يُعرف بالتيار التصحيحي، نجل الرئيس حافظ قائد السبسي المدعوم من والده. ومن شأن هذا الصراع أن يؤثر في عمل الحكومة، ولا سيما أن عدداً من الوزراء هم أطراف فيه، أو في ما يعرف بمحاولة الاستيلاء على الحزب واحتلال مناصب اتخاذ القرار داخله.
وتقف بقية الأحزاب في تونس، معارضة ومشاركة في الائتلاف الرباعي، لتشاهد مستجدات هذا النزاع، فيما يتهم الشق التابع للأمين العام لـ«نداء تونس»، «حركة النهضة» المشاركة رمزياً في الائتلاف الحكومي بوزير واحد، بتأجيج الصراع ونصرة شق نجل الرئيس الباجي قائد السبسي، وهو ما تنفيه الحركة الإسلامية جملة وتفصيلاً.
الأزمة السياسية التي قد ينتجها أي انقسام في الحزب الأول في تونس، يصاحبها توتر اجتماعي، خصوصاً بعد فشل المفاوضات على زيادة أجور القطاع الخاص، بين اتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب العمل) والاتحاد العام التونسي للشغل (منظمة الشغالين)، الذي هدّد بالتصعيد والقيام بإضراب عام يشل البلاد، في وقت تعرف فيه صعوبات اقتصادية كبيرة.
ويتلخص الخلاف بين منظمة أرباب العمل ومنظمة الشغالين، في الأساس، حول قيمة الزيادات في الأجور، ذلك أن منظمة الأرباب تقترح زيادة بقيمة التضخم المالي، أي بقيمة 4.2%، فيما تتشبث منظمة الشغالين بزيادة بنسبة 17% وتهدد بالذهاب إلى إضراب عام يشل البلاد اقتصادياً ويضر بمصالح أصحاب الأعمال.
ولا تزال هذه الأزمة الاقتصادية، التي بدأت منذ سقوط نظام بن علي في عام 2011، تتعمّق بينما من المنتظر أن تكون نسبة النمو خلال هذه السنة 0.5%، وفق تقرير حديث للبنك المركزي التونسي، وتدهور غير مسبوق في سعر صرف العملة التونسية (الدولار الأميركي مقابل نحو دينارين تونسيين)، إضافة إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية والمحلية.
وما يزيد من حدة الأزمة التي تشمل كل المجالات في تونس، هو التهديد الإرهابي الداخلي حيث لم تتمكن السلطات في تونس، إلى الآن، من القضاء على المجموعات الجهادية المتمركزة في الجبال الحدودية مع الجزائر، مع ظهور عمليات فردية منذ الهجوم على متحف باردو وعملية نزل سوسة التي قام بها أشخاص تلقوا تدريبات في ليبيا.
أضف إلى ذلك، الوضع الأمني على الحدود الجنوبية للبلاد وما تعرفه ليبيا من فوضى وتمدد لتنظيم «داعش» وتأثيره في تونس، خصوصاً أن قرابة 5 آلاف من التونسيين تسللوا إلى ليبيا، حيث يتدربون على استعمال السلاح، وسط إمكانية تسلّلهم لتنفيذ عمليات داخل الأراضي التونسية، ما يجعل الوضع في البلاد أكثر من خطير.