غزة | كانت الزيارة الثالثة للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى قطاع غزة، أمس، شديدة الاختلاف عن سابقتيها، أكان في طريقة الاستقبال الشعبية التي حظي بها، أم في «المعركة الأخلاقية» التي فرضها نشطاء المجتمع المدني عليه، فوجد المسؤول الأممي نفسه طرفاً خاسراً فيها. البداية كانت في معبر بيت حانون شمال القطاع، حيث انتظره أهالي الأسرى ومبعدو كنيسة المهد، ورشقوا موكبه بالأحذية والعصي. حدث ذلك لأن بان، بحسب المحتجين، كتب على زيارته الفشل قبل وصوله، وذلك برفضه الالتقاء مع ممثلين عن قطاعات حسّاسة كذوي الأسرى والشهداء واللاجئين، وجمعيات الطفل والمرأة، الذين تُعتبر قضاياهم من صلب عمل «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» (الأونروا). وعن هذا الموضوع، قال مدير «مركز الميزان لحقوق الإنسان»، أحد أوائل من اعتذروا عن عدم تلبية الدعوة للاجتماع مع الأمين العام، عصام يونس، إن بان «ليس سائحاً. هو هنا ليطلع على ما يتعرض له الفلسطينيون من ظلم وعقاب جماعي وجرائم منظمة، وهذا يستدعي بالضرورة الاجتماع بالفئات التي تدفع أثماناً غالية جراء ذلك». ووصف يونس آلية تنظيم الزيارة بأنها «مثيرة للغثيان ولم تراعِ التوازن الاجتماعي والتمثيل القطاعي للمدعوين». الاعتذار الفردي عن تلبية الدعوة من قبل الحقوقي يونس، تحول إلى مقاطعة جماعية في ربع الساعة الأخير الذي سبق موعد الاجتماع، من قبل باقي المدعوين الذين حاولوا أن يفرضوا على جدول أعمال اجتماعهم ببان قضية الأسرى. وقال رئيس مجلس إدارة «شبكة المنظمات الأهلية»، محسن أبو رمضان، «حاولنا عن طريق مكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة إقناعهم بضرورة الاجتماع مع ذوي الأسرى، مثلما فعل قبل 3 أعوام مع أسرة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، لكن هذه المحاولات جوبهت بالرفض، وفي ضوء ذلك قررنا المقاطعة لأن قضية الأسرى تشكل خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه، وخصوصاً في ظل اعتقال 27 نائباً، ودخول الأسير خضر عدنان اليوم السابع والأربعين في إضرابه المستمر عن الطعام». وعزا أبو رمضان الرفض القاطع الذي قُوبلت به محاولاتهم للاجتماع ببان، إلى تعرُّض الأخير لضغوط إسرائيلية حادة، «وصار واضحاً أنه يريد مقايضة منصبه السياسي بقضية حقوق الإنسان والقانون الدولي». وعن الطريقة الشعبية الغاضبة التي جرى استقبال المسؤول الأممي بها عند وصوله، أوضح أبو رمضان أنّها «شكل مشروع من أشكال التعبير عن معاناة العائلات التي لم تزر أبناءها منذ 5 سنوات». وأشار أبو رمضان إلى أن هؤلاء الأسرى «كل واحد منهم يشكل ضميراً وطنياً متقدماً، والاستخفاف بهم يشكل استخفافاً بمجمل مكونات القضية الوطنية». ورغم أن لم يلتقِ في أي من زياراته الثلاث إلى القطاع الفلسطيني، بأحد من المسؤولين الحكوميين أو الفصائليين، فإنّ حركة «حماس» تحاشت التعليق على الزيارة، واكتفت بتوفير الحماية الأمنية غير المباشرة له.ويأتي الاستقبال المهين الذي لاقاه بان، تكراراً لما حدث قبل عامٍ، حين زارت وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة ميشال إليو ماري قطاع غزة، وذلك غداة اجتماعها بأسرة شاليط آنذاك، وبعدما نُقلت عنها تصريحات اعتبرت فيها أن «حماس» ترتكب جريمة حرب لاستمرارها في احتجاز شاليط.