الكويت | أقبل الناخبون الكويتيون الـ400 ألف، أمس، على صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس جديد للأمة، يخلف المجلس الحالي المنحلّ بعدما مرّر بالكاد ثلاث سنوات من ولايته. ويتنافس 287 مرشحاً، بينهم 23 امرأة، على المقاعد الـ50 لمجلس الأمة في ثالث اختبار للدوائر الانتخابية الخمس منذ عام 2008. وتركت البرودة التي طبعت المناخ الصحراوي في هذا اليوم الانتخابي أثرها على نسبة الاقتراع، فبدأت في الساعات الأولى من الصباح فاترة وضعيفة، وأمكن قبيل الظهر ملاحظة أقلام خلت تقريباً من الناخبين.
بطيئاً تحسّنت النسبة، لكنها لم تزد حتى الظهر على الـ10 في المئة، قبل أن ترتفع في ساعات بعد الظهر لتبلغ نحو 20 في المئة. لكن القياس لم يكن نفسه في كل الدوائر، فوحدها الدائرة الرابعة حصدت أكبر اقتراع حتى موعد إقفال الصناديق، وهو 29 في المئة، تليها الدائرة الخامسة بنسبة 25 في المئة، وكلتاهما دائرتان تسيطر عليهما القبائل. وبحسب متابعين لانتخابات مجلس الأمة، فهي المرة الأولى التي تشهد فيها الإمارة تدنياً في الاقتراع إلى هذا المستوى، بعدما سبق له أن عرفت في استحقاقات سابقة اقتراعاً تجاوز في بعض الأحيان 65 في المئة.
واستمر الاقتراع من الثامنة صباحاً حتى الثامنة مساء، تلته ساعة استراحة، ثم بوشر الفرز اليدوي في مراكز اللجان الأصلية بغية التمكّن من إصدار النتائج الرسمية تباعاً من الساعات الأولى للفجر. وتتولى عملية الفرز خمس لجان رئيسية في الدوائر الخمس، على أن تعلن كل منها نتائجها بمعزل عن الأخرى. وتجري الانتخابات بحضور 30 مراقباً دولياً جالوا على مراكز الاقتراع في الدوائر الخمس، واطلعوا على سيرها. وفي وقت لاحق، أكّد وزير الإعلام الشيخ حمد جابر العلي، عند تفقّده في فندق «شيراتون» المركز الإعلامي الذي يواكب مع وسائل الإعلام العربية والأجنبية الانتخابات، أن الحكومة الكويتية هي التي دعت المراقبين الدوليين كي يتابعوا عن قرب العملية الانتخابية «لمعرفة ما لدينا وكي يتأكدوا ممّا يجري».
وتوزّعت أقلام الاقتراع الـ543 على مراكز أصلية وفرعية في الدوائر الخمس، وذلك في 98 مدرسة خُصِّصت فيها أقلام للرجال وأخرى للنساء، وسط حماسة لم يخفها أنصار المرشحين، ولا سيما منهم الشباب، وعلى الأخص الفتيات اللواتي نشطن بين الناخبين. وفي السياق، لُوحظَت ظواهر جديدة في هذه الدورة الانتخابات، ولا سيما بعدما منعت وزارة الإعلام المرشحين من نشر أي تصريح عبر وسائل الإعلام. وبرزت الرسائل النصية الإلكترونية عبر برنامج «واتس أب» التي استغلتها اللجان الإعلامية للمرشحين لحث المواطنين على الذهاب إلى مراكز الاقتراع لاختيار ممثليهم، وأيضاً من أجل الدعاية للمرشح نفسه وبرنامجه الانتخابي. من ناحية أخرى، وللمرة الأولى في الكويت، أعلنت الإدارة العامة لنظم المعلومات في قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في وزارة الداخلية، إطلاق خدمة الاستعلام الصوتي (آي في آر) التي تمكن الناخبين من التعرف إلى اللجنة التي سيدلي فيها بصوته في الانتخابات من خلال الاتصال بالهاتف. وشدّدت الإدارة، في بيان، على أن الخدمة أُعدت خصيصاً للناخبين الذين لا يتمكنون من استخدام الانترنت حيث «يتمكن الناخب من خلال هاتفه الشخصي الاتصال بخدمة الاستعلام الصوتي وإدخال الرقم المدني الخاص به (الهوية)، وسماع الردّ التلقائي لمجموعة من البيانات الخاصة بالعملية الانتخابية والمتمثلة في بيانات قيد الناخب ومكان التصويت وأسماء وعناوين مقار لجان التصويت وأسماء المرشحين وأسماء المرشحين».
والحادثان الأمنيان اللذان حصلا يومي الإثنين والثلاثاء (حرق خيمة أحد المرشحين وتلفزيون الوطن) لم يُلقيا بظلالهما على الاقتراع؛ فقد انتشر رجال الأمن داخل المراكز وخارجها، من دون أي تدابير استثنائية سوى ملصقات بإرشادات ونصائح بالتزام التدابير والمحافظة على الأمن، والحضّ على الاقتراع. وفي كل قلم، تواجدت لجنة قيد تضم قاضياً وأعضاء، ولوحظ أن بعض القضاة كانوا من جنسيات عربية كمصر، نظراً إلى عدد المراكز التي توجب أن يكون على رأس كل لجنة قاض يرأسها، ممّا تطلّب عدداً إضافياً من القضاة. ونُظِّمت عملية الاقتراع على الشكل التالي: يدعو القاضي الناخب إلى داخل الغرفة كي يقترع. ومن دون الاستعانة بالستارة الضامنة لسرية الاقتراع، يذهب الناخب إلى أقصى الغرفة حيث منصة من حديد تتيح للناخب تدوين أسماء أربعة فقط من المرشحين العشرة في كل دائرة من دون أن يقترب منه أحد من أنصار المرشحين أو يحاول التأثير عليه عن قرب. إضافة إلى لجنة القيد، هناك صف أو اثنان من مندوبي المرشحين الذين يلتزمون مقاعدهم، وينتظرون ما يعلنه القاضي بصوت عال عن اسم الناخب وقيده كي يضيفوها إلى سجلاتهم للتحقق من اقتراع الناخبين، ومطابقتها لاحقاً مع النتائج النهائية. لا يقترع الكويتيون بورقة صغيرة، بل بواحدة كبيرة تحمل جميع أسماء مرشحي الدائرة، ويضعون إشارة في الخانة اللصيقة بالاسم علامة التصويت له، ويطوون الورقة الكبيرة ويضعونها في الصندوقة الزجاجية. في النهاية، تنتهي انتخابات مجلس الأمة عند فتح صناديق الاقتراع، إذ تختفي، مع الساعات الأولى من بدء عملية الاقتراع، كل المظاهر الاحتفالية التي كانت قد رافقت الحملات الانتخابية، باستثناء الخيم التي تظلّ منصوبة إلى حين إعلان النتائج الرسمية. وحتى الساعات الأولى من صباح أمس، كانت الحملات لا تزال على حماستها في الندوات والخيم، وملأت صور المرشحين وشعاراتهم صفحات الصحف المحلية.