النبك | «نحن سبعون مدنياً في قبو المنزل. الجيش الحُر يتمترس في منزلي ليقصف الجيش النظامي. والجيش النظامي يقصف إحداثياته بما فيها منزلي الذي نال حصته من القصف 20 قذيفة». صرخة يطلقها أحد سكان النبك المختبئين في الملاجئ ريثما تنتهي المعارك العنيفة في الحي الغربي من المدينة. نداء الرجل ليس غريباً، إذ ترد الأنباء، عبر ناشطين، عن حصار أكثر من 60 شخصاً آخرين في شارع الزراعة القديم، المكشوف للقناصين، أسوة بشوارع أمين وحمص والمستشفى. السيناريو الذي يتوقعه المدنيون في المدينة هو انسحاب «الجيش الحر» خلال ساعات، في أي لحظة، على نحو «تكتيكي» باتجاه بلدة يبرود المجاورة، التي من المتوقع أن تلاقي مصيراً مشابهاً للنبك. ساعات فقط يحتاج إليها الجيش للسيطرة على ساحة المخرج، وسط المدينة، بعد أكثر من سنة تحت سيطرة المسلّحين، بحسب ما يقوله ضبّاط ميدانيون. مقتل القائد العسكري لمسلحي النبك قدموس الطبجي مع عدد من عناصره، سرّع تقدّم الجيش باتجاه ساحة المخرج، مركز بلدة النبك. الشاب العلماني، سابقاً، والمتديّن بالتزامن مع قيادته المسلحين في منطقته، أصبح «شهيد الثورة» مع عدد من مساعديه بينهم: شريف الطبجي وفرحان الرفاعي ومحمد العنزاوي، فيما لم يعرَف بعد مصير شقيقه «صيدون». غير أن سقوط البلدة عسكرياً قد يحتمل حصول مفاجآت، ولا سيّما أن مقاتلي المعارضة يضغطون لاستمرار قطع الطريق الدولي بين دمشق وحمص، بالتزامن مع وصول تعزيزات جديدة من يبرود، فيما استعاض الجيش السوري بطرق عسكرية متفرعة لنقل آلياته وجنوده بين الشمال السوري والعاصمة. في المقابل، أفاد مصدر معارض «الأخبار»، بأنّ «الوضع صعب للغاية على الرغم من انضمام مسلحين آخرين إلى المعركة»، محمّلاً مسؤولية ما حصل لـ«الألوية الجبانة التي فرّت بسرعة من دون أي مقاومة».
ولطالما مثلت صورة النبك الماضية لمن يعرف البلدة، استراحة كريمة للمسافرين عبر طريق دمشق ــ حمص، لكن الأمان أصبح ضرباً من الذكريات. الضباب على مشارف النبك يسود المشهد، إضافة إلى دخان الحرائق التي تخلفها القذائف المتساقطة بعنف. جنود الجيش يتقدمون داخل البلدة عبر محورين، إذ تصل الاشتباكات العنيفة إلى جسر النبك - يبرود، وإلى مزارع السقي وحارة الفوقا شرقاً، بينما تتواصل نداءات السكان إلى «الحُر» لفتح ممرات آمنة لخروج المدنيين، وتحييدهم عن العنف القائم. هكذا أصبح حال البلدة التي تضم سوريين من جميع الطوائف والعقائد.
قذائف نزلت على أحد المخابز وسط المدينة أدّت إلى انتشار بعض الغازات والروائح الغريبة، ما أدّى إلى إطلاق شائعات عن استخدام الجيش أسلحة كيميائية في قصف المدينة. نازحون اطمأنوا على ذويهم في داخل النبك بصعوبة، وأكّدوا أن لا حالات تسمم كما أشاعت تنسيقيات المعارضة. وهروب الأطباء، بحسب الضباط الميدانيين، جاء بسبب قرب سقوط البلدة عسكرياً وعودتها إلى سيطرة الدولة.
إلى ذلك، تستمرّ المعارك في مناطق الغوطة الشرقية في المرج والبحارية ودير السلمان، التي شهدت قصفاً عنيفاً، حيث استهدف الجيش تجمعات المسلحين المنتشرين هناك. وفي حلب، استهدف سلاح الجو تجمعات المسلحين في محيط مطار كويرس العسكري (شرق حلب). وأفاد مصدر عسكري وكالة «سانا» أنّ وحدات من الجيش نفذت عمليات عسكرية في محيط المحطة الحرارية والسجن المركزي وشرق دير حافر وحريتان والكاستيلو وطريق الحاضر. وأضاف المصدر أنه جرى القضاء على تجمعات المسلحين شرق مطار النيرب ومحيط مستشفى الكندي، وفي قرى عديدة أخرى.

خطف 51 كردياً

في موازاة ذلك، وصل عدد المخطوفين الأكراد لدى «الدولة الاسلامية في العراق والشام» إلى 51 كردياً، بينهم طفلان وامرأة وسبع فتيات في مدينة منبج وقرى جرابلس، التابعة لمدينة حلب خلال الأيام الثلاثة الماضية.
على صعيد آخر، قُتل موظف في منظمة «ميدكل» الأوروبية لإعادة الإعمار في اشتباكات نشبت صباح أمس بين ألوية «شهداء إدلب» و«أحفاد الرسول» في ريف إدلب. ونشرت مواقع تابعة للمعارضة ان الاشتباكات نشبت في منطقة الهامة قرب الحدود التركية. وتعد هذه المواجهات هي الأولى من نوعها بين فصائل معارضة في الشمال السوري منذ أشهر، بعد اقتصار الصراع الداخلي في الفترة الأخيرة، على ألوية معارضة و«الدولة الاسلامية».